الجنوب الليبي بين الثروات والتهميش وسط احتدام النزاع لاقتسام الثروات

أشرف السعدني24 ديسمبر 2018آخر تحديث :
الجنوب الليبي بين الثروات والتهميش وسط احتدام النزاع لاقتسام الثروات

الجنوب الليبي بين الثروات والتهميش وسط احتدام النزاع لاقتسام الثروات

يعاني الجنوب الليبي ظلما كبيرا، في أقتسام الثروات وصل لأسوأ مراحله منذ اندلاع أحداث فبراير 2011، وسط حدة النزاع علي اقتسام الثروات في مدن الساحل، دون أن يكون هناك اهتمام، بما يعانيه أهل أقليم فزان جنوبا.

وأقليم فزان هو أحد الأقاليم ليبيا الثلاثة، وتبلغ مساحته 550 ألف متر مربع، ويسكنه حوالي نصف مليون نسمة، ومن أهم مناطقه، سبها ووادي الشاطئ ووادي الحياة وحوض مرزق والجفرة وغات.

ويوجد بالجنوب معظم حقول النفط في الليبية، وتنتج فزان قرابة نصف مليون برميل يوميا، كما يوجد بها النهر الصناعي الذي ينبع من الجنوب الليبي ويمد مدن الساحل بقرابة نصف مليون برميل ماء يوميا.

ورغم كل هذه الثروات يعاني الجنوب منذ عقود، علي الرغم من انه أهم المناطق الاقتصادية الليبية، خاصة أن البلد يعتمد على النفط بمثابة مصدر دخل وحيد.

فلماذا التهميش مستمر ؟

لم تلتفت أي حكومة ليبية للجنوب الذي يعاني منذ حقبة القذافي، بل ترك أهل الجنوب تحت رحمة وقبضة الجماعات المسلحة، والتي قدمت من خارج الحدود الليبية، خاصة تنظيم”القاعدة” و”داعش” وجماعات مسلحة أخرى ليصبح نقطة لانطلاق العمليات الإرهابية من الجنوب .

ثروات الجنوب الليبي ومعاناة اهل الجنوب1

وكان من خطورة تجاهل السلطات الليبية لمطالب أهل الجنوب، حيث سمح للميليشيات بممارسة أنشطة غير شرعية مثل الاتجار بالبشر وتهريبهم من أقصى الجنوب الليبي إلى أوروبا عبر مدن الشمال الليبي.

وأدي تجاهل الحكومات الليبية المتعاقبة إلي تدهور الأوضاع في فزان، مكتفية بالتنديد التي، في حين أن نسبة الجريمة في مدن الجنوب أخذت في الارتفاع، فقد بلغت عام 2016، مقتل أكثر من 250 مواطنا في مدينة سبها فقط.

كما ارتكبت مجموعة مسلحة أخري جريمة بمنطقة براك الشاطئ، فقد شنت هجوما على إحدى مراكز الجيش الليبي، وقتلت مائة جندي ورغم أعلان المجلس الرئاسي الليبي فتح تحقيق في الجريمة، ولكن كغيرها من التحقيقات، لم تكن إلا حبرا على ورق، ولم تكن لها نتائج حتى اليوم.

حيث أصدر رئيس المجلس الرئاسي قرارا، في مايو الماضي، بتشكيل قوة لتأمين الجنوب خلال 10 أيام من تاريخ اصدار القرار، إلا أنه، ورغم مرور نحو ستة أشهر من القرار، لم تصل هذه القوة إلى فزان.

 

ثروات الجنوب الليبي ومعاناة اهل الجنوب1

ويقول أهالي الجنوب بالنسبة لمركزية الحكومات الليبية، فعلى سبيل المثال، عند قيام وزارة التعليم الليبية باختيار الطلبة المبعوثين إلى الخارج للدراسة يكون نسبة طلبة الجنوب الليبي النسبة الأقل من بين الأقاليم الثلاثة.

كما تقع مؤسسات الدولة الليبية بمدن الساحل الليبي، حيث يقع مقر البرلمان الليبي بمدينة طبرق في الشرق ومقر المجلس الرئاسي في العاصمة طرابلس بالغرب.

ورغم أن هناك المادة 53 من الاتفاق السياسي الليبي على تشكيل مجلس أعلى للإدارة المحلية في مدينة سبها، إلا أنها لم تنفذ كغيرها من القرارات.

المعاناة اليومية

وعلي الرغم من أن الحقول النفطية في الجنوب تنتج قرابة النصف مليون برميل يوميا، إلا أن أسعار البنزين في الجنوب الليبي حوالي عشرة أضعاف سعرها في مدن الشمال.

وكذلك هو الحال بالمياه فعلي الرغم من وجود منظومة النهر الصناعي، بالجنوب الليبي والتي توفر المياه لمدن الساحل والشمال ، نجد أن الأهالي بالجنوب يعانون نقصا في المياه الصالحة للشرب.

كماهو الحال بمطارات المنطقة الجنوبية والتي توقفت عن العمل، وتقتصر الرحلات إلى الجنوب على رحلتين أسبوعيا، واحدة إلى غات والأخرى إلى تمنهنت.

كما يشكوا اهالي الجنوب من ارتفاع أسعار السلع التموينية، نظرا لصعوبة وصول هذه السلع إلى مدنهم، وذلك لخطورة الطرق التي تربط شمال ليبيا بجنوبها ، حيث تتمركز الجماعات المتطرفة بين هذه المناطق بشكل مستمر مما عزل الجنوب الليبي عن الشمال.

ومن أهم المشكلات التي تعانيها المنطقة انقطاع التيار الكهربائي، خاصة في فصل الشتاء، حيث يكون من الصعب على الأهالي التعامل مع برودة الطقس.

ولم يختلف الوضع الصحي عما هو الحال بكافة الخدمات التي تقدم للجنوب، فقد شهدت مدن الجنوب الليبي حالات وفاة بسبب نقص الأدوية والأمصال، مما يعكس أزمة طبية فادحة.

وعلي الرغم من أن الحكومات الليبية، تعلن عن ميزانيات بعشرات المليارات، إلا أن الحقيقة في الجنوب الليبي مأساوية، حيث تعتبر المساعدات التي تقدم لأهالي الجنوب من منظمات الإغاثة وبعض الدول، هي طوق النجاة والتي لولها لشهدت هذه المنطقة كارثة إنسانية غير مسبوقة.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    الاخبار العاجلة