التقاليد غير ثابتة وستجعل منك منافقا

محمد كمال الشريف4 نوفمبر 2018آخر تحديث :
التقاليد غير ثابتة وستجعل منك منافقا

التقاليد غير ثابتة وستجعل منك منافقا

 

 يوضح الدكتور محمد كمال الشريف استشاري الطب النفسي والمفكر الإسلامي أن الانصياع للتقاليد الباليةقد تجعل من  من الانسان منافقا، ويقدم عددا من الأسباب، فيبدأ بمقال التقاليد غير ثابتة و ستجعل منك منافقا، وهو مقال من ضمن سلسلة مقالات تهدف لايضاح السبب الذي علينا نتنبه له بعدم الإلتزام بالتقاليد البالية، و يضع فيه أهم سببين يدفعان إلى عدم الالتزام بالتقاليد والإحتزاء بها لهذه الأسباب..

 سبق أن نشرنا هذه السلسلة لذلك نحن ننصح كل أب وكل أم ان يطلعوا على كنز من المعلومات في قسم بنون حول تربية الاطفال و المراهقين في الرابط هنا

السبب الأول:

عند الالتزام بالتقاليد يراقب المرءُ الناسَ، أي يحرص على إرضائهم، ويجتنب ما يكرهون من فعل وقول، لكن الناس ليسوا معنا أينما كنا؛ لذا تكون الأخلاق القائمة على التقاليد أخلاق نفاق اجتماعي؛ لأن المرء يمكنه أن يخالفها إن أمن أن يعلم الناس بذلك، أما الأخلاق القائمة على الدين الحق فإنها أخلاق للسر والعلانية، إذ على الذي يريد مخالفتها أن يبحث عن مكان لا يراه الله فيه حتى يعصيه، وينجو بذنبه دون عقوبة، وأنى له أن يجد مثل هذا المكان؟ قال تعالى: {وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّاناً أَثِيماً {107} يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً} {النساء:107-108{.

وقال أيضاً: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} }الحديد: 4{

اقرأ/ي أيضا: لماذا ننجب أولادنا؟

فالحياء من الله أقدر على تقويم سلوك الناس من حيائهم من بعضهم بعضاً، قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري في صحيحه: (الله أحقُّ أن يُسْتَحْيا منه مِنَ الناسِ).

وعن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (استحيوا من الله حق الحياء) قلنا: يانبي الله! إنا لنستحي والحمد لله، قال: (ليس ذاك، ولكن الاستحياء من الله حق الحياء ان تحفظ الرأس وما وعى، وتحفظ البطن وما حوى، وتتذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الحياة الدنيا، فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء). (رواه الترمذي وصححه الألباني).

السبب الثاني:

إن التقاليد متبدلة بتبدل الأزمنة والأمكنة، فالتقاليد تختلف عادة من بلد إلى بلد، بل وتختلف في البلد الواحد من طبقة اجتماعية إلى طبقة، وتختلف من الريف إلى المدينة، وهذا يساعدنا على فهم السبب في تبدل سلوك الذين يهاجرون من الريف إلى المدينة، أو من بلد إسلامي إلى بلد أوروبي.

فالذي نشأ على احترام التقاليد يجد أنه مضطر إلى إتباع تقاليد الناس الذين يعيش بينهم، كيلا يبدو في نظرهم شاذاً مخالفاً، فاعلاً لما هو عيب عندهم، فاتباع التقاليد يرسخ في الناس أن الفرد منهم يجب أن يكون إمّعة، إن أحسن الناس أحسن، وإن أساؤوا أساء، بعكس ما أمرنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم من فعل الخير سواء أحسن الناس أو أساؤوا.

والتقاليد تتبدل بتبدل الزمان، وبخاصة عندما تحتك الأمة بأمم أخرى أقوى منها، فيقلّد الضعيف القوي، ويتبنى تقاليده.
وهذا ما نراه في هذا العصر، حيث يتبنى كثير من الناس في بلاد المسلمين التقاليد الغربية.

اقرأ/ي أيضا: كيف يهدم المجتمع كرامة أفراده بالسخرية والإحتقار؟

فذات يوم أتتني امرأة مسلمة بابنتها المراهقة وقد تعبت معها، فطلبت مني كطبيب نفسي أن أساعدها في حل المشكلة…

وبعد جلسة طويلة مع الفتاة وجدتها طبيعية تماماً من الناحية العقلية والنفسية، إنما كانت المشكلة أنها تعرفت على ابن جيرانهم، وكان فتىً أكبر منها بسنتين، وعندما علمت أمها بصداقتهما ضربتها ومنعتها من الخروج من البيت إلا معها، وحرمت عليها الخروج إلى الشرفة، ولما سألت الأم عن السبب في أنها لا تريد أن تصادق ابنتها ابن الجيران، قالت: “ذلك عيب لا نعرفه في عائلتنا”، وكانت الأم سيدة تناهز الأربعين سافرة، وثوبها إلى ما فوق ركبتيها، فحاولت أن أبين لها أن تربية ابنتها على اجتناب العيب لم يولد في نفس البنت دافعاً لعدم مصادقة الشبان، ذلك أن سفور الأم وثوبها القصير كان “عيباً” في نظر أمها يوم أن كانت هي في عمر ابنتها، واليوم لا تراه هي عيباً، ولا تلوم ابنتها السافرة على سفورها… والبنت من جيل جديد لم تكن ترى في حديثها مع ابن جيرانهم الشاب مشكلة، وتتساءل “ما العيب في ذلك؟”.

وهكذا تتبدل التقاليد، فما كان عيباً قبل ثلاثين سنة صار مقبولاً الآن، وما كان خلقاً يُمتدح قبل ثلاثين سنة صار عيباً الآن، ففي كثير من الأسر في البلاد الإسلامية صار من العيب ألا تصافح الفتاة أو المرأة عموماً من يمد يده من الرجال ليصافحها، وصار الامتناع عن مصافحة الرجال دلالة على قلة اللباقة والمجاملة… ويستطيع كل قارئ أن يبحث حوله عن أمثلة أخرى على تبدل التقاليد في بلادنا من النقيض إلى النقيض خلال جيل واحد.

لكن الدين الحق يمتاز بالثبات، فما كان حراماً بالأمس هو حرام اليوم، وسيبقى حراماً إلى يوم القيامة.

وإن كان في الإسلام مرونة بحيث يلائم كل الأزمنة، فذلك ليس في كل شيء، إنما هي مرونة لاستيعاب بعض التطورات في حياة البشر، فلن يأتي يوم يصير فيه الخمر حلالاً، ولن يأتي يوم يصير فيه سفور المرأة وخروجها كاسية عارية حلالاً.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة