الانكماش يضرب القطاع غير النفطي في مصر

الساعة 255 نوفمبر 2022آخر تحديث :
الانكماش

تواجه الحكومة المصرية أزمة كبيرة في توفير الدولار، إضافة إلى استمرار معدلات التضخم في الارتفاع بعدما لامست أعلى مستوى في أكثر من أربع سنوات. وفي إطار سد الفجوات التمويلية، بدأت الحكومة المصرية مفاوضات مع صندوق النقد الدولي لتنفيذ المرحلة الثانية من البرنامج الإصلاحي الذي أعلنته عن المرحلة الأولى منه في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2013.

انخفاض التفاؤل التجاري بين الشركات غير المنتجة للنفط إلى أدنى مستوياته في أكثر من عقد من بيانات الدراسة في أكتوبر الماضي، وفقاً لمؤشر مدراء المشتريات المصري.

كان ارتفاع أسعار المشتريات بشكل عام مرتبطاً بنقص توافر المواد الخام واستمرار التدهور في سعر صرف الجنيه مقابل الدولار الأميركي، ما أدى إلى ارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج.

مع وصول توقعات الإنتاج إلى مستوى قياسي منخفض، فقد خفضت الشركات غير المنتجة للنفط أعداد موظفيها للمرة الأولى منذ يونيو الماضي، وإن كان ذلك بشكل هامشي فقط، إذ أشار بعض الشركات إلى تسريح العمال بسبب تدهور إجمالي المبيعات.

* * * *

كشف تقرير حديث استمرار القطاع الخاص غير النفطي في مصر بالانكماش، خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، للشهر الـ 23 على التوالي، ولكن بوتيرة أبطأ من الانكماش الحاصل خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وفقاً لمؤشر مديري المشتريات الصادر عن مؤسسة “ستاندرد أند بورز غلوبال”.

وسجل المؤشر مستوى 47.7 نقطة خلال الشهر الماضي، بارتفاع قدره 0.1 في المئة فقط عن قراءة سبتمبر الماضي، لكنها تعدّ أعلى قراءة منذ فبراير (شباط) الماضي، وبذلك يكون المؤشر قد تراجع للشهر الثالث والعشرين على التوالي، ليظل دون مستوى 50 نقطة الذي يفصل بين النمو والانكماش.

قطاع الأعمال

ويواجه قطاع الأعمال في مصر سلسلة من الأزمات، منها خارجية تتعلق بالتوترات الجيوسياسية بخاصة الحرب الروسية في أوكرانيا وتداعياتها على سلاسل الإمداد والتوريد، إضافة إلى الارتفاعات المتتالية في أسعار السلع والغذاء عالمياً، وأيضاً استمرار ارتفاع أسعار الطاقة بنسب قياسية، ما يزيد من حجم الضغوط على الموازنات الحكومية.

وفي ما يتعلق بالأزمات الداخلية، تواجه الحكومة المصرية أزمة كبيرة في توفير الدولار، إضافة إلى استمرار معدلات التضخم في الارتفاع بعدما لامست أعلى مستوى في أكثر من أربع سنوات. وفي إطار سد الفجوات التمويلية، بدأت الحكومة المصرية مفاوضات مع صندوق النقد الدولي لتنفيذ المرحلة الثانية من البرنامج الإصلاحي الذي أعلنته عن المرحلة الأولى منه في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2013.

ثاني خفض للجنيه المصري

وفي يوم الإعلان عن التوصل إلى اتفاق بشأن حزمة تمويلية بقيمة تسعة مليارات دولار، أعلن البنك المركزي المصري ثاني خفض للجنيه المصري مقابل الدولار، لتفقد العملة المصرية أكثر من قيمتها مقابل نظيرتها الأميركية منذ بداية العام الحالي. كما تقرر رفع أسعار الفائدة بنسبة اثنين في المئة في إطار جهود ترويض موجة التضخم التي تشهدها البلاد مع ارتفاعات قياسية في أسعار السلع والخدمات.

وكشف تقرير مديري المشتريات الصادر عن مؤسسة “ستاندرد أند بورز غلوبال”، انخفاض التفاؤل التجاري بين الشركات غير المنتجة للنفط إلى أدنى مستوياته في أكثر من عقد من بيانات الدراسة في أكتوبر الماضي، وفقاً لمؤشر مدراء المشتريات المصري، إذ قدّم أربعة في المئة من الشركات نظرة مستقبلية إيجابية للأشهر الـ 12 المقبلة. كما أدى ارتفاع الأسعار ومشكلات الإمداد وضعف الطلب العالمي إلى انخفاض الأعمال والأنشطة الجديدة.

ظروف التشغيل

في الوقت ذاته، سجل مؤشر مدراء المشتريات الرئيس في مصر التابع لشركة “ستاندرد أند بورز غلوبال”، بعد تعديله نتيجة العوامل الموسمية، وهو مؤشر مركب تم إعداده ليقدم نظرة عامة دقيقة على ظروف التشغيل في اقتصاد القطاع الخاص غير المنتج للنفط، ارتفاعاً من مستوى 47.6 نقطة، خلال سبتمبر الماضي، إلى نحو 47.7 نقطة، خلال أكتوبر الماضي، لتمتد بذلك سلسلة التدهور الحالية إلى أقل من عامين.

وعلى رغم ارتفاعه إلى أعلى مستوى منذ فبراير الماضي، إلا أن المؤشر الرئيس لا يزال أقل من متوسطه على المدى الطويل، ويشير إلى انخفاض قوي آخر في ظروف الأعمال. وقد تزامن هذا الانخفاض مع تراجع مستمر في تدفقات الأعمال الجديدة، وانخفضت بقوة ولكن بأدنى مستوى في ثمانية أشهر. وأشارت شركات كثيرة تعاني من انكماش في الطلبات الجديدة إلى الضغوط التضخمية السريعة وانخفاض إنفاق العملاء نتيجة لذلك، بمن فيهم العملاء من الأسواق الخارجية.

ونتيجة لذلك، فقد انخفض النشاط الإجمالي بوتيرة حادة في أكتوبر الماضي، وانتشر الانكماش على نطاق واسع ليشكل كل مجالات الاقتصاد غير المنتج للنفط. وأظهرت بيانات القطاعات أن الإنتاج قد انخفض في قطاعات التصنيع والإنشاءات والجملة والتجزئة والخدمات، مع انخفاض الأعمال الجديدة أيضاً في كل فئة.

الاضطراب الاقتصادي

وأشارت الأدلة المنقولة إلى أن القيود المستمرة على الواردات زادت من الاضطراب الاقتصادي في أكتوبر الماضي، حيث أدى تعليق عمليات الاستيراد، الذي تمّ في أعقاب الحرب الروسية في أوكرانيا، إلى الحد من خسائر احتياطيات العملات الأجنبية، إلا أن عدداً من الشركات واجه صعوبة، مرة أخرى، في الحصول على مستلزمات الإنتاج المطلوبة. وأدى هذا النقص إلى انخفاض الإنتاج وتقلص ملحوظ آخر في نشاط الشراء، وإن كان بدرجة أقل مما كان عليه في سبتمبر الماضي. وأشارت الشركات إلى أن ارتفاع أسعار المواد الخام وقلة الطلبات الجديدة أثّر في نشاط الشراء.

وفي الواقع، أشارت بيانات الدراسة إلى حدة ضغوط التكلفة في الأشهر الأخيرة، حيث وصلت إلى أعلى مستوى في أربع سنوات تقريباً خلال يونيو (حزيران) الماضي. وعلى رغم تراجع معدل تضخم تكلفة مستلزمات الإنتاج للمرة الثالثة في أربعة أشهر، فقد ظل حاداً وأعلى من اتجاه السلسلة في أكتوبر الماضي، حيث شهد ما يقرب من ربع الشركات المشاركة ارتفاعاً في الأسعار على مدار الشهر غالباً بسبب ارتفاع تكاليف المشتريات.

أسعار المشتريات

في المقابل، كان ارتفاع أسعار المشتريات بشكل عام مرتبطاً بنقص توافر المواد الخام واستمرار التدهور في سعر صرف الجنيه مقابل الدولار الأميركي، ما أدى إلى ارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج. وفي حين زادت أسعار الإنتاج، إلا أن ذلك تمّ بمعدل أقل بكثير مما شهدته تكاليف مستلزمات الإنتاج، وأشارت خمسة في المئة فقط من الشركات إلى ارتفاعها، ويعني تراجع الزيادة أن انخفاض الطلب قد عطّل جزئياً الجهود المبذولة للحفاظ على اتساق أسعار المبيعات مع النفقات.

على صعيد آخر، أشارت بيانات الدراسة إلى تحسن مواعيد تسليم الموردين للمرة الأولى في مدة عام، في إشارة إلى أن الظروف تشهد استقراراً في أعقاب تأثير الحرب الروسية في أوكرانيا. وساعد التحسن في حدوث زيادة جديدة في مخزون المشتريات، على رغم أن هذا كان مرتبطاً جزئياً بانخفاض متطلبات الإنتاج. وأوضح التقرير أنه مع وصول توقعات الإنتاج إلى مستوى قياسي منخفض، فقد خفضت الشركات غير المنتجة للنفط أعداد موظفيها للمرة الأولى منذ يونيو الماضي، وإن كان ذلك بشكل هامشي فقط، إذ أشار بعض الشركات إلى تسريح العمال بسبب تدهور إجمالي المبيعات.

المصدر: إندبندنت عربية

موضوعات تهمك:

القضاء على الفقر.. حلم الشعوب العربية

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة