الانقسام الفلسطيني بين رفض حماس في الضفة وقبولها في غزة!!

محرر الرأي6 أبريل 2019آخر تحديث :
الانقسام الفلسطيني بين فتح وغزة
صورة ارشيفية

 الانقسام الفلسطيني بين رفض حماس في الضفة وقبولها في غزة!!

 

الانقسام الفلسطيني سلاح يستخدم الكيان الصهيوني، يخلق حالة من الرفض والقبول بين الضفة المحتلة وغزة المقاومة.
فقد الفلسطينيون القدرة منذ زمن بعيد على تجديد حركتهم الوطنية وتوطيد تعددية سياسية فكرية حزبية فاعلة!
قوضت حماس نفوذ تيارات السلفية العنيفة و«مركزت» السلطة والقوة بين يديها.
لا مصلحة لـ(إسرائيل) في إنهاء الانقسام الفلسطيني ووقف دينامياته الآيلة به إلى انفصال.
حماس مرفوضة بالضفة لذا يتعين عدم السماح للفلسطينيين بإقامة دولتهم المستقلة لكنها مقبولة بالقطاع على مضض لأن بديلها أكثر تشددًا.
فتح تماهت مع السلطة واندمجت بها وبقايا فصائل ويسار بالكاد ينجح مجتمعًا في اجتياز حاجز الخمسة بالمائة من إجمالي الأصوات

بقلم: عريب الرنتاوي
إسرائيل ترفض قيام دولة فلسطينية في الضفة الغربية، وحجتها إلى ذلك، إن وضعنا جانباً الشهية التوسعية و«الوعود التوراتية الربّانية»، أن هذه الدولة سرعان ما ستؤول ولايتها إلى حركة حماس، وربما إلى «القاعدة» أو «داعش»..
سيناريو سيطرة حماس، محتمل وإن لم يكن مؤكداً بالضرورة، أما سيناريو سيطرة «القاعدة» و«داعش»، فيندرج في باب البروباغندا الصهيونية، لا أكثر ولا أقل.

أما في قطاع غزة، فإن السيناريو «الأقل سوءاً» لإسرائيل، هو بقاء حماس كسلطة أمر واقع، إسقاطها أو إعادة احتلال القطاع، فضلاً عن كلفه الباهظة، قد يفتح الباب لقوى وحركات أشد تطرفاً من حماس، من نوع الجهاد الإسلامي أو ربما حركات سلفية لتولي مسؤولية القطاع وأهله، هذا ما ذهب إليه تقرير أخير لمعهد دراسات الأمن القومي في إسرائيل.
حماس مرفوضة في الضفة الغربية، ولذلك يتعين عدم السماح للفلسطينيين بإقامة دولتهم المستقلة. لكن حماس مقبولة في القطاع، وإن على مضض، لأن بديلها أكثر تشدداً منها.

كأن الفلسطينيين يتوزعون في تفضيلاتهم ما بين حماس والجهاد والقاعدة وداعش. لا حركة وطنية ولا قوى علمانية ويسارية، لا مجتمع مدنيا ولا مجتمع أعمال ونقابات، لا حركات شبابية ولا منظمات نسوية. الفلسطينيون يتوزعون بين المتطرفين والأشد تطرفًا.

قد يُقال أن هذه بروباغندا إسرائيلية، هدفها أولاً منع قيام دولة فلسطينية، بخلق «فزّاعات» حكم الإسلاميين لمنطقة تقع تحت جلد إسرائيل وعلى مرمى حجر من العاصمة الأردنية، وهذا صحيح إلى حد كبير.
وقد يُقال أيضاً أن إسرائيل لا مصلحة لها في إنهاء الانقسام ووقف دينامياته الآيلة به إلى انفصال، ولذلك نراها تستمسك بحكم حماس في غزة، وإن بذريعة «الشيطان الذي تعرف خير من الشياطين التي لا تعرف»، وهذا صحيح كذلك، وبدرجة أكبر.

لكن الصحيح الذي لا يجوز للفلسطينيين إنكاره، أنهم فقدوا القدرة منذ زمن بعيد على تجديد حركتهم الوطنية، وتوطيد دعائم تعددية سياسية – فكرية – حزبية فاعلة، فنحن أمام فتح التي تماهت مع السلطة واندمجت بها، أو أمام بقايا فصائل ويسار، بالكاد نجح، أو يمكن أن ينجح مجتمعاً في اجتياز حاجز الخمسة بالمائة من إجمالي الأصوات أو المقاعد في أية انتخابات عامة، سابقة أو مقبلة…
إن انهارت السلطة في الضفة، فالأرجح أن حماس، هي البديل الأقوى الجاهز حتى الآن، وربما حتى إشعار آخر لتولي زمام القيادة، حتى وإن لم يُسمح لها إسرائيليا بإدارة السلطة.

وهذا يفسر في بعض جوانبه، سر إصرار السلطة على «التنسيق الأمني» فهو إجراء دفاعي عن الذات، قبل أن يكون وفاءً بالاستحقاقات والالتزامات المترتبة على الاتفاقات المبرمة.

أما في غزة، فقد جاء زمن أمكن فيه لصنوف مختلفة من الإسلام السلفي العنيف، أن تحظى بقوة ونفوذ في القطاع، لكن إحدى نجاحات حماس التي تسجل لها، أنها قوّضت نفوذ هذه التيارات، و«مركزت» السلطة والقوة بين يديها.
المفارقة أن بديل حماس في غزة، قد يكون فتح والفصائل، وليس الإسلام السياسي الأكثر تشدداً، بخلاف الضفة، حيث حماس هي المرشحة لأن تكون بديل فتح ومن تبقى من حلفائها في قيادة السلطة وإداراتها.

إسرائيل لا تريد دولة فلسطينية مستقلة، حتى وإن كانت بقيادة «الأم تيريزا»، وليس محمود عباس أو إسماعيل هنية. وهي تدرج هذه المخاوف من باب «الدعاية السوداء»، ومن ضمن محاولات دؤوبة لـ«شيطنة» الشعب الفلسطيني، لا شك في ذلك …وإسرائيل لا تريد لانقسام الفلسطينيين أن ينتهي، بل تريده أن يستطيل ويتعمق ويستحيل انفصالا.
لكن ذلك كله، لا ينبغي أن يحجب عنّا رؤية التحولات والمآلات التي انتهت إليها الحركة الوطنية الفلسطينية بمختلف اتجاهاتها، والتحولات العميقة التي طرأت على بنية وتوجه واتجاهات المجتمع الفلسطيني.

اقرأ ايضا:

من الذي باع أراضي فلسطين لليهود ؟ سمسار اسرائيلي يؤرخ ويروي الأسماء

صحفية اسرائيلية تهاجم الجيش الاسرائيلى وتصفه بالمحتل على الهواء

مزاعم التفرد الصهيونى الإجرامى المقدس

* عريب الرنتاوي كاتب صحفي أردني
المصدر: الدستور الأردنية

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    الاخبار العاجلة