الأفغان همج لا يفهمون.. والعراقيون سارقون جهلة!

محمود زين الدين13 نوفمبر 2021آخر تحديث :
الأفغان

سيبقى الغربيون ومن لف لفهم يرددون: “ألا ترون؟! الأفغان همج لا يفهمون.. والعراقيون سارقون جهلة؟!”.
لم يبن الاحتلال الأمريكي طوبة واحدة على أخرى فكيف له أن يبني الإنسان وعقله؟! لم تبن جسرًا أو مشفى ولا جامعة ولا حتى مدرسة!

القوات العسكرية الأمريكية احتلت أفغانستان عشرين عامًا وهي المسؤولة عن هذا الجيل الذي وعدوه بالحرية والديمقراطية قبل التعليم والازدهار.

صورة ذهنية لشعب ما يرسمها محتل وإعلامه وحقد قبل وبعد وأثناء احتلاله دون اكتراث أو مسؤولية لما أحدثه بهذا الشعب فتصبح نمطية وتطبع بالعقل الجمعي دون أسس أخلاقية.

صورة رسختها القيادة الأمريكية في بغداد عام 2003 عندما نقلت جميع الصحفيين عنوة من فنادق بغداد ومكاتب القنوات الفضائية وحشروهم بفندق فلسطين لمتابعة المشهد الأكثر إيلامًا.

* * *

بقلم: ناصر شديد

الصورة الذهنية لشعب ما يرسمها المحتل وإعلامه بكل بشاعة وحقد قبل وبعد وأثناء احتلاله، دون اكتراث للحقيقة وخلفياتها أو أدنى مسؤولية لما أحدثوه هم بهذا الشعب أو ذاك..، صورة تصبح مع مرور الزمن نمطية وتطبع في العقل الجمعي دون أي أسس أخلاقية.

هي صورة سلبية يصعب قشطها من الذاكرة بسهولة، لتبقى في الأذهان لعقود، تتسلى بها القنوات الفضائية وتبثها دون طرح التساؤل: كيف ولم ومن أحدث هذا بهم؟!

صورة سيدرُسها الطلبة والباحثون في الجامعات ومراكز الدراسات. كان آخرها صور صعود الأفغان على ظهر وأجنحة طائرة عسكرية أمريكية تقلع هربًا من صراع ظنوا هم أنه سيحتدم في بلادهم بعد هروب الأمريكان.
لقد هزت تلك الصور المجتمع الأفغاني قبل المجتمع الدولي، وآلمت الأفغان كثيرًا، فالقوات العسكرية الأمريكية احتلت بلادهم عشرين عامًا، وهي المسؤولة عن هذا الجيل الذي وعدوه بالحرية والديمقراطية قبل التعليم والازدهار.

لكن في الحقيقة وعلى الأرض لم تبن طوبة واحدة على أخرى، فكيف لها أن تبني الإنسان وعقله؟! وبالطبع لم تبن جسرًا، بالمناسبة الشعب الأفغاني لا يعرف معنى الجسر أو لنقل لم يراه في بلده، ولم تبن مشفى ولا جامعة ولا حتى مدرسة!

لكنها صورة أحبت القيادة الأمريكية السياسية منها والعسكرية رسمها في أذهاننا، وسبقتنا قبل ذلك في بغداد عام 2003 عندما نقلت جميع الصحفيين عنوة بطريقتها من فنادق بغداد ومكاتب القنوات الفضائية وحشروهم في فندق فلسطين، لمتابعة مشهد واحد كان الأكثر إيلامًا.

فالقصة ليست سقوط تمثال لزعيم نختلف أو نتفق عليه، بل لحالة عربية اختزلت برمزية التمثال، فلم تكن القصة بسقوط زعيم عربي بيد شعبه كما صورت لنا، ليتبعها بعد ذلك حالة هيجان في شوارع بغداد وسرقة متاحفها ومؤسساتها ووزاراتها.. باستثناء وزارة “النفط”– سبحان الله– وما تبعه من تدمير للتراث العراقي وحضارته!

وسيبقى الغرب ومن لف لفهم يرددون: “ألا ترون؟! الأفغان همج لا يفهمون.. والعراقيون سارقون جهلة؟!”.

* ناصر شديد كاتب ومراسل صحفي

المصدر| السبيل الأردنية

موضوعات تهمك:

الثقافة شريك في صناعة السياسة الخارجية

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة