الأردن ورحلة البحث عن اليوان والروبل

محمود زين الدين12 يونيو 2022آخر تحديث :
الأردن
A woman walks past a currency exchange office in central Moscow on February 24, 2022. - Russia's central bank said Thursday in would intervene as the ruble tumbled to a record low and the Moscow Stock Exchange reopened down 14 percent after Moscow launched a military attack on Ukraine, as Russian President Vladimir Putin announced a military operation in Ukraine on Thursday with explosions heard soon after across the country and its foreign minister warning a "full-scale invasion" was underway. (Photo by Alexander NEMENOV / AFP)

اليوان عملة تزداد جاذبية بالعالم العربي بعد بلوغ صادرات الصين إليه 135 مليار دولار تحتل دول الخليج فيها المرتبة الأولى.
التضخم بأمريكا جدير بدفع الدول العربية التي تعاني صعوبات اقتصادية لإضافة اليوان لسلة عملاتها؛ فحجم الواردات من الصين مرتفع.
يمكن استيراد النفط الروسي الرخيص، بل الإيراني، وتكريره وإعادة تصديره إلى دول إفريقية وأوروبية، وتحقيق عائدات جيدة لدولة مثل الأردن،
إذا أضيف الروبل لسلة العملات يصبح شراء الغذاء والنفط بأسعار رخيصة أيسر، مبعدًا شبح الغلاء والفوضى والاضطرابات السياسية عن العالم العربي أيضا.
* * *

بقلم: حازم عياد
ارتفع معدل التضخم في أمريكا لشهر مايو/ أيار الى 8.6%، متجاوزاً التوقعات المتفائلة بتباطؤ التضخم؛ نتيجة الرفع المتكرر لأسعار الفائدة، والذي رفع بدوره أعباء المديونية على الدول النامية والفقيرة.
ما تقدمه الولايات المتحدة واوروبا من مساعدات وقروض ميسرة للدول الشريكة والحليفة تسترده باليد الاخرى؛ من خلال رفع الفائدة والتسبب في ارتفاع الفائدة والطاقة والغذاء في الآن ذاته.
المفاجأة ان ارقام التضخم الاخيرة في الولايات المتحدة كشفت عن زيادة كبيرة في أسعار الطاقة والغذاء بلغت 34%؛ ما يعني انها تتحمل المسؤولية المباشرة عن ارتفاع معدلات التضخم في امريكا اسوة بأوروبا، فرفع اسعار الفائدة لم يكبح جماح التضخم بل فاقم إشكالية إمدادات الطاقة والغذاء.
فالأرقام المعلنة لشهر ايار/ مايو الفائت تؤكد ان سياسة الاحتياطي الفدرالي الامريكي والخزانة الامريكية فاشلة؛ فالتضخم بات معضلة معقدة يصعب معالجتها بأدوات مالية كالفائدة والسندات، وأن العلاج الحقيقي يكمن في رفع حجم المعروض والمنتج من النفط والغذاء، وتخفيض كلف سلاسل التوريد، خصوصا أن الحاويات في امريكا التي كانت تكلف 1300 دولار فأصبحت تكلف 11 الف دولار.
وهي معضلة لن تعالجها الفائدة المرتفعة، وإنما تزويد الموانئ بمزيد من الحاويات الفارغة، وبأسعار منخفضة، والتوقف عن مزاحمة الفقراء في إفريقيا وآسيا على الطاقة والغذاء.
الارقام الاخيرة التي تم الكشف عنها مؤخرا تؤكد ان الازمة الاوكرانية والعقوبات على روسيا ارتدت بقوة على القارة الاوروبية والامريكية التي نقلت أثرها الى الدول الفقيرة والنامية؛ عبر رفع الفائدة؛ او عبر مزاحمتها على السلع الاساسية كالطاقة والغذاء، وحرمانها في الآن ذاته من الحصول على النفط والغاز والغذاء الرخيص من روسيا.
منافسةٌ لا يمكن معالجتها إلا بالتوجه الى السوق الروسية والصينية للحصول على النفط والغذاء الرخيص، والأهم إضافة الروبل واليوان الى سلة عملاتها، خصوصًا ان حجم التداول بالروبل واليوان الصيني ارتفع خلال الاسابيع القليلة الماضية الى 1067%؛ ما يجعل منهما عِمْلتي تداول جاذبة، فضلًا عن ارتباطهما بالسلع الرخيصة التي يمكن الحصول عليها من روسيا والصين.
اليوان عملة تزداد جاذبية في العالم العربي بعد أن بلغت صادرات الصين إلى العالم العربي 135 مليار دولار، تحتل دول الخليج فيها المرتبة الأولى؛ إذ تحظى بحصة الأسد من صادرات الصين بما يعادل 60% من حجم الصادرات، تليها مصر بنسبة 12%، ثم العراق بنسبة 7%، في حين احتل الاردن المرتبة السادسة بنسبة بلغت 2.6%؛ ما يعني ارتفاع جدوى التعامل باليوان، والمردود المتوقع عال إذا ما قُورن بالدولار الأمريكي مرتفع الكلفة.
الإعلان الأخير عن أرقام التضخم في أمريكا ومسبباته الحقيقية الأجدر أن يدفع الدول العربية التي تعاني صعوبات اقتصادية إلى التفكير الجدي لإضافة العملة الصينية (اليوان) إلى سلة عملاتها؛ فحجم الواردات من الصين مرتفع، وإذا ما أضيف الروبل إلى سلة العملات فإن الحصول على الغذاء والنفط بأسعار رخيصة يصبح أكثر يسرًا، مبعدًا شبح الغلاء والفوضى والاضطرابات السياسية عن العالم العربي في الآن ذاته.
ختامًا..
بالإمكان استيراد النفط الروسي الرخيص، بل الإيراني، وتكريره وإعادة تصديره الى الدول الإفريقية والأوروبية، وتحقيق عائدات جيدة لدولة مثل الاردن، وهو أمرٌ على الأرجح ستتفهمه وتتقبله أمريكا وأوروبا بل دول الخليج.
فأوروبا وأمريكا عاجزتان عن علاج الاختلالات الكبيرة في أسعار الطاقة والغذاء والتضخم والمديونية كعجزها عن إقناع الشعوب العربية بالقتال ضد روسيا، ودفع أثمان باهظة لمغامرة أمريكية أوروبية بأوكرانيا، مغامرة لا ناقة للعرب فيها ولا جمل، في حين تحظر على الدول والشعوب العربية قتال الإسرائيليين لاسترداد أرضهم ومقدساتهم في فلسطين!

* حازم عياد كاتب وباحث سياسي.

المصدر: السبيل – عمان

موضوعات تهمك:

مزايا ربط سعر صرف الدينار الأردني بسلة عملات

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة