إيران تخدم مشروع التطبيع في العراق

محمود زين الدين8 يناير 2022آخر تحديث :
التطبيع

تحالف الأكراد السنة في العراق مع الصهاينة لمواجهة نظام البعث وتحقيق مشروع القومية الكردية.

لا يرتبط الموقف من الصهيونية بالطائفة أو الدين، فثمّة يهود يعادون الصهيونية، ومسلمون سنة وشيعة ومسيحون صهاينة.

الاستقطاب الطائفي يخدم مشروع التطبيع ويمكّن للصهيونية بالعالم العربي وما حصل مع شيعة لبنان تحاول إسرائيل تكراره مع سنة العراق!

استقبل شيعة جنوب لبنان قوات الغزو الإسرائيلي بالأرز والزغاريد بعد أن ذاقوا المرّ من تجاوزات فصائل منظمة التحرير وعانوا تهميشا وحرمانا منذ استقلال لبنان.

حاولت المارونية السياسية التحالف مع إسرائيل حفاظا على مكتسبات هدّدتها الحركة الوطنية اللبنانية ولم يكن مستغربا أن قوام جيش لبنان الجنوبي شيعة ومسيحيون.

أعطت نتائج شراكة (إسرائيل) مع الإمارات في العراق خلال العامين الماضيين أملاً كبيراً”. فـ”التحالف الكردي ـ السني، بمساعدة الإمارات وتوجيهاتها، سيخلق قوة كبيرة لإسرائيل في العراق”.

“..في اجتماع غير رسمي بالأردن مع مسؤولين بوزارة الخارجية الإسرائيلية قدّم رئيس مجلس النواب العراقي خطة جيدة للغاية لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، وقد تم تنفيذ مرحلتها الأولى، لكن مع الانتخابات الأخيرة، توقفت متابعة تنفيذ هذه الخطة”!

* * *

بقلم: ياسر أبوهلالة

لم تتعلم إيران من درس الحرب الأهلية في لبنان، فالمظلومية والتهميش والإقصاء سياسيا واقتصاديا واجتماعيا لطائفةٍ يدفعها إلى أحضان العدو. حصل هذا مع الشيعة في جنوب لبنان، عندما استقبلوا قوات الاحتلال الإسرائيلي بالأرز والزغاريد، بعد أن ذاقوا المرّ من فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، وعانوا من التهميش والحرمان منذ استقلال لبنان.
في المقابل، حاولت المارونية السياسية التحالف مع إسرائيل حفاظا على مكتسباتها التي هدّدتها الحركة الوطنية اللبنانية. ولم يكن مستغربا أن قوام جيش لبنان الجنوبي شيعة ومسيحيون.
وفي تلك الأثناء، كان الأكراد السنة في العراق يتحالفون مع الصهاينة لمواجهة مظالم نظام البعث.. لا يرتبط الموقف من الصهيونية بالطائفة أو الدين، فثمّة يهود يعادون الصهيونية، ومسلمون سنة وشيعة ومسيحون صهاينة!
والاستقطاب الطائفي يخدم مشروع التطبيع، ويمكّن للصهيونية في العالم العربي. ما حصل مع شيعة لبنان تحاول إسرائيل تكراره مع سنة العراق.
في مقالته “السياسة الخارجية لإسرائيل: الفرص والتهديدات”، كتب داني سيرتينوفيتش:
“العراق أهم دولة في مشروع التطبيع. كانت المفاوضات مع المسؤولين في كردستان مبشّرة للغاية. وأعلن مسؤولون عراقيون كبار في بغداد بشكل غير رسمي عن استعدادهم للتعاون، بل طلبوا من المسؤولين الإسرائيليين المساعدة في تغيير الرأي العام في العراق. في اجتماع غير رسمي في الأردن مع مسؤولين في وزارة الخارجية الإسرائيلية، قدّم رئيس مجلس النواب العراقي خطة جيدة للغاية لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، وقد تم تنفيذ مرحلتها الأولى، ولكن مع الانتخابات الأخيرة، توقفت متابعة تنفيذ هذه الخطة”.
يبني الكاتب، وهو كبير باحثين في معهد السياسات والاستراتيجيات الإسرائيلي، وكان في معهد آبا إيبان للدبلوماسية الدولية في إسرائيل، وخدم ضابطا في الجيش الإسرائيلي 25 سنة في مواقع مختلفة في الاستخبارات، آمالا عريضة على برنامج التطبيع مع العراق، ويرى إن:
“فكرة نقل الفلسطينيين إلى غرب العراق ما زالت معقولة وقابلة للمتابعة. إذا ما تولى المتحالفون مع إسرائيل في العراق مسؤوليات عليا. وقد أعطت نتائج الشراكة مع الإمارات في العراق خلال العامين الماضيين أملاً كبيراً”. موضحا إن “التحالف الكردي ـ السني، بمساعدة الإمارات وتوجيهاتها، سيخلق قوة كبيرة لإسرائيل في العراق.
الحزب الديمقراطي الكردستاني وحركة التقدّم كلاهما من حلفاء إسرائيل، لكن الاتحاد الوطني الكردستاني وخميس الخنجر هما المشكلتان الرئيسيتان داخل المجتمعين السني والكردي في العراق.
وإذا ما أجبر الخنجر من خلال الأصدقاء في أوروبا، فضلا عن قطر وتركيا، على الامتثال لمحمد الحلبوسي، وتسليم الرئاسة العراقية للحزب الديمقراطي الكردستاني، وأيضاً إبقاء الحلبوسي رئيسا لمجلس النواب، فان قسما كبيرا من مشكلات إسرائيل في العراق سيحل”.
يغيب عن الكاتب إن العقبات أمام التطبيع أعقد بكثير من موقف خميس الخنجر، أبرز قادة السنة وزعيم تحالف عزم الذي يشكل بيضة قبان في تركيبة مجلس النواب العراقي، فالزعيم الشيعي مقتدى الصدرالذي تصدّر أكثرية المقاعد، ويتوقع أن يشكّل تحالفه مع القوى السنية الحكومة المزمعة، والذي يعدّ بعيدا عن النفوذ الإيراني.
وتمكّن الصدر من التغلب على حلفائها في الانتخابات، يتخذ موقفا جذريا من التطبيع، أكثر حدّة ووضوحا من جماعة إيران، فهو طالب باعتقال من شاركوا في مؤتمر التطبيع في أربيل، ووصفهم بالإرهابيين والقذرين، وقال إن “التطبيع ممنوع ولن نسمح به ولو على دمائنا”.
وهو للتاريخ أعلن بعد استشهاد الشيخ أحمد ياسين في 2004 إنه يعتبر نفسه ذراعا لحركة حماس في العراق. في المقابل، نجد أن مصطفى الكاظمي، وهو حليف محتمل للصدر، متحمّس، ولو سرّا، للتطبيع.
ومتفق مع برنامج أحد عرّابي التطبيع في المنطقة، جمال دانيال الذي كان يعمل معه في موقع المونيتور، والساعي إلى تأهيل نظام الأسد من خلال تطبيع موسّع تدخل في العراق وسورية.
لا يستطيع الكاظمي ولا الحلبوسي ولا غيرهما تمرير برنامج التطبيع، لكن ما يشجّعهم أن سياسة إيران في العراق منذ الاحتلال الأميركي تمارس أسوأ أشكال الاستهداف للعرب السنة عبر مليشياتها. والسنة لا ينسون أن تدمير بلادهم كان نتيجة تخطيط صهيوني، ولذلك كان آخر ما هتف به صدّام حسين “عاشت فلسطين”.
لقد دنّست القوات الإسرائيلية أرض الأنبار بحثا عن الصواريخ العراقية قبيل الحرب، ودمّرت المفاعل النووي، ووصلت إلى مقرّ المخابرات العراقية قبل القوات الأميركية، وسرقت أقدم نسخة مخطوطة من التوراة كانت محفوظة في إدارة المخابرات العراقية.
شارك العراقيون في كل الحروب مع الصهاينة، في العهود الملكية والجمهورية. وسيتأكد عرّابو التطبيع قريبا أن العراق عصيّ عليهم.

* ياسر أبوهلالة كاتب وإعلامي أردني

المصدر| العربي الجديد

موضوعات تهمك:

العراق بين فشل الاغتيال وعودة الفوضى

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة