إسرائيل.. النهاية على بعد خطوة

محمود زين الدين18 مايو 2022آخر تحديث :
إسرائيل

سنعرف من الأيام أن إسرائيل كانت مجرد قصة قصيرة وستؤكد لنا الأخبار بأنها أصبحت من أكثر أماكن العالم خطورة على اليهود.
كثير من يهود العالم لديهم فكرة واضحة عن كارثة “تأسيس دولة لليهود بفلسطين” واعتبروها “مصيدة” لتجميع اليهود في مكان واحد مقدمة لإبادتهم.
نذكر أيضا ما قاله كارمي جيلون (72 سنة) رئيس جهاز الشاباك في الفترة من 1995 إلى 1996م: إن استمرار السياسات المتطرفة ضد المسجد الأقصى سيقود إلى حرب يأجوج ومأجوج ضد الشعب اليهودي، وسيقود إلى خراب إسرائيل
يتساءل يوفال ديسكين: لا أدري هل هي نهاية البداية أم بداية النهاية؟ إسرائيل لن تبقى للجيل القادم فهي لا تتمتع بالتماسك الاجتماعي والمرونة الاقتصادية والقوة العسكرية والأمنية.
* * *

بقلم: هشام حمامي
آخر رصاصة كان يحتاج إطلاقها “جيش الدفاع الإسرائيلي” لمصلحة شعب إسرائيل، هي تلك الرصاصة التي استقرت في قاع جمجمة الراحلة “شيرين أبو عاقلة”، مراسلة شبكة الجزيرة، ودوّى طنينها الصاخب في أذن كوكب الأرض كله.. وآخر مشهد كان يحتاجه الجبن والعار الغربي لمزيد من التعري والتبجح أمام كوكب الأرض كله، كان المشهد الذي قدمته “شيرين” وأرسلته للعالم كله وهي ترقد في نعشها! وأثناء سير جنازتها!
رحم الله شيرين ذات الحزن والآلام.. والتي رحلت عنا بحزن جليل يساوي حزنها وحزننا ويليق بها وبنا.
* * *
واتساعا للمعنى واكتمالا للأسطورة.. سنعرف ونرى أن آخر شيء كان يحتاجه اليهود عبر تاريخهم الطويل في قرون أزمانهم السحيقة هو تجمعهم في وطن قومي يجمعهم أجمعين. تقول الحكاية التي صنعت أسطورة والأسطورة التي نسجت حكاية أن “أوديب” في كل خطوة كان يخطوها ليهرب من قدره ومصيره، كانت تلك الخطوة تسير به رغما عنه في أقرب الطرق إلى قدره ومصيره.
يوفال ديسكين، رئيس جهاز الشاباك الأسبق، كتب في مقالة له بصحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية في شباط/ فبراير 2021م: لا أدري هل هي نهاية البداية أم بداية النهاية؟.. إسرائيل لن تبقى للجيل القادم.. فهي لا تتمتع بالتماسك الاجتماعي والمرونة الاقتصادية والقوة العسكرية والأمنية التي سيضمن وجودها الجيل القادم!
أحدثكم عن الاتجاهات الديموغرافية والاجتماعية والاقتصادية التي تُغير بالفعل جوهر إسرائيل وتعرض وجودها للخطر خلال جيل واحد فقط، حيث يزداد الانقسام بين الإسرائيليين عمقا، وأصبح الانقسام بين اليمين واليسار مهيمنا أكثر بكثير من الخلاف بين اليهود والعرب..
كما أن انعدام الثقة في أنظمة الحكم آخذ في الازدياد، والفساد ينتشر في الحكومة، والتضامن الاجتماعي ضعيف.
وحمل أيضا بشدة على الأصوليين اليهود (الحريديم) ووصفهم بأنهم “باتوا عبئا علينا” هكذا!.. وأن منهم من أصبحوا منتشرين في الاتجاهات المعادية للصهيونية.. وبالنسبة لهم فإن إسرائيل في طريقها للخسارة!
هكذا تحدث رئيس جهاز الشاباك في الفترة من 2005م إلى 2011م والمولود سنة 1956م. ويعد ديكسين من أهم وأعمق الشخصيات الأمنية والسياسية في إسرائيل، وهو صاحب رسالتي ماجستير، في العلوم السياسية والإدارة والأخرى في تاريخ بني إسرائيل، ويتقن العربية الفصحى تماما.
* * *
سنزداد من الشعر بيتا ونذكر أيضا ما قاله كارمي جيلون (72 سنة) رئيس جهاز الشاباك في الفترة من 1995 إلى 1996م: إن استمرار السياسات المتطرفة ضد المسجد الأقصى سيقود إلى حرب يأجوج ومأجوج ضد الشعب اليهودي، وسيقود إلى خراب إسرائيل..
جيلون كتب سيرته الذاتية سنة 2017م بعنوان “المواطن ك”.. وهي شديدة الأهمية ومترجمة على كثير من المواقع.. ستذهل من كم الفساد والعفن المنتشر لدى القيادات والأحزاب والنخب الإسرائيلية..
لكن ما ذكره نتنياهو (73 سنة) عام 2017م في احتفال “عيد العرش” عن أمنيته بالوصول إلى دولة إسرائيل إلى السنة المائة؛ شيء آخر تماما، إذ يتصل بالحبل السرى للأسطورة الأولى “إيريتس يسرائيل”، والتي تعني: فلسطين أرض الآباء والأجداد..!!
نتنياهو يتشكك في استمرار إسرائيل ثلاثين سنة أخرى، استنادا لما ذكره كنبوءة تاريخية تقول إنه لم تستمر دولة لبني إسرائيل أكثر من مائة عام إلا الدولة الحشمونية (جشمونائيم) التي استمرت 103 سنة، وقال نصا: أنا قلق من إمكانية ألا تستمر إسرائيل لثلاثة عقود أخرى، وأخشى أن يكون مصيرها تماما كمصير مملكة الحشمونائيم المكابية.. وأضاف: وجود إسرائيل يشغل بالي ومزاجي، ومسألة وجودنا ليست مفهومة ضمنا وليست بديهية، وسأعمل بجد لحمايتها والحفاظ عليها وبناء السعادة على أرض إسرائيل. وهذا الكلام نشرته صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية.
يذكّرنا هنا نتنياهو بالسياسي الذي وعد ناخبيه ببناء جسر، رغم عدم وجود نهر!
السلالة الحشمونية التي استمرت بين عامي 140 و37 قبل الميلاد حكمت الضفة الغربية والجليل بشكل شبه مستقل، وتعرضت لغزو الإمبراطورية الرومانية للشرق في عام 63 قبل الميلاد، والتي قسمتها وأقامتها كدولة “عميلة” لها في المنطقة لتخدِم على مصالحها، إلى أن قام هيرودس الكبير بطردها.
* * *
يوم 5 أيار/ مايو حسب التقويم العبري (١٥ أيار/ مايو حسب التقويم الميلادي) يكون قد مر على تأسيس دولة إسرائيل الحالية 73 سنة.. ويتبقى لها تقريبا بمنطق نتنياهو التاريخي ما يقرب من ثلاثين سنة.. والأهم بمنطق يحيى السنوار (60 عاما) الذي قال إن سيف القدس قد “امتشقناه وسللناه”. وقال أيضا: عليكم أن تتجهزوا لمعركة كبيرة إذا لم يكف الاحتلال عن الاعتداء على المسجد الأقصى.
كثير من يهود العالم لديهم فكرة واضحة جدا عن كارثة “تأسيس دولة لليهود في فلسطين”، واعتبروها “مصيدة” لتجميع اليهود في مكان واحد مقدمة لإبادتهم.. وسيكون هاما هنا أن نتذكر منع عقد أول مؤتمر صهيوني سنة 1897 كان قد دعا إلى عقده هيرتزل (ت 1904م) في مدينة ميونيخ.. ومٌنع مِن مَن؟ من التجمع اليهودي هناك وقتها ومن الحاخامية نفسها.. وكان أن عقد في مدينة بازل السويسرية.
المؤتمر الصهيوني الرابع وهو بالفعل أهمها، عُقد في عاصمة الاستعمار العالمي والإمبريالية العالمية وقتها سنة 1900م.. عُقد في لندن برئاسة هرتزل أيضا، وكان تتويجا وتثبيتا وتحديدا لطبيعة العلاقة بين الصهيونية والإمبريالية؛ التي كانت بدورها ترتب للحرب العالمية الأولى (1914-1918م) لوضع وتنفيذ رؤيتها لمصالحها وللعالم على خرائط الجغرافيا (الاقتصادية والسياسية) الجديدة، وعلى رأسها غرس إسرائيل في قلب الشرق الإسلامي بعد تفكيكه وتقطيعه.
يقولون إن أعظم مخاطر الحياة لا تأتي من الأعداء، بل من الحلفاء الذين يزعمون العمل من اجل قضية مشتركة.. فهل قبض أصحاب المشروع الصهيوني ثمن استئجار “خفير” لمدة مائة عام حارسا على مصالح الغرب الاستعماري في الشرق الإسلامي؟
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا***ويأتيك بالأخبار من لم تزود (طرفة بن العبد، ت569م)
سنعرف من الأيام أن إسرائيل كانت مجرد قصة قصيرة.. وستؤكد لنا الأخبار بأنها أصبحت من أكثر أماكن العالم خطورة على اليهود.
* د. هشام حمامي كاتب وطبيب مصري
المصدر: عربي 21

موضوعات تهمك:

اغتيال شيرين أبو عاقلة: ترك التحقيق لإسرائيل يفرِّغ الإدانة من مضمونها

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة