ألا تعلوا علي وأتوني  جزائريين !     

محمد جابر17 يناير 2019آخر تحديث :
ألا تعلوا علي وأتوني  جزائريين !     

كتب أحد الكهول إلى أبنائه الأربعة الذين جمعتم العائلة وفرقهم الفكر بسبب حياتهم المهنية،رسالة ذاتية واقعية رغم أنها تحمل حروف قصيرة إلا أن حروفها بحجم مدرسة كونية في الوطنية،الابن الأكبر تخرج من جامعة باريس لطب فحمل معه الفكر العلماني لدرجة الإلحاد رغم أنه خريج مدرسة قرآنية في الجزائر،الابن الأصغر منه درس العلوم الشرعية ثم سافر إلى السعودية ليتخرج من جامعة أل سعود سلفيا متشددا،الابن الأصغر منه أيضا  سافر إلى روسيا لدراسة الجيولوجيا،تعرف  هناك على قبائلية جزائرية أحبها وتزوجها فحمل الفكر الشيوعي معه وتأثر بعادات القبائل فأصبح جهويا متشددا يكره كل ما هو عربي، الابن الأصغر الأخير درس علم النفس في ألمانيا لكنه عاد إلى الجزائر بعد تخرجه ، فحمل الفكر الصوفي الديني وكانت النتيجة أنه أصبح عربي صوفي يكره كل ما هو متشدد وعلماني وقبائلي، وفي ليلة الفاتح من شهر نوفمبر وصلت رسالة إليهم عبر البريد الإلكتروني وعبر هواتفهم أيضا  من والدهم تقول ، ألا تعلوا علي وأتوني  جزائريين ..

هذه العائلة الصغيرة نموذج من  الذي يحدث في الجزائر، بل واقع تجريبي ليس محض صدفة وإنما تقدير لكل لحظة،في بلدي ليس لنا حل  للمشاكل الدينية، بسبب أفكار الطوائف التي تقدم نفسها  للعامة على أنها الصواب وأنها سنة وأنها خير خلف لأحسن سلف،الصوفية يقولون نحن تراث قديم ديني أصلي كانت عقيدتنا سلاح للناس أجمعين في وجه المستعمر الفرنسي الذي احتل الجزائر لأكثر من قرن،الأشعرية يقدمون أنفسهم على أنه مصلحين العقيدة وحماة السنة النبوية لهذا  تجدهم يقدسون أماكنهم ويعتبرون من يخالفهم أضاع طريق الجنة، أيضا السلفية الذين ظهروا بعد العشرية السوداء، يوميا يقدمون محاضراتهم للجميع على أنهم الفرقة الناجية الوحيدة  من بين اثنان وسبعون فرقة  وطائفة إسلامية تكلم عليها اشرف الخلق رسولنا  الكريم صلى الله عليه وسلم ، في 2019 الصوفية تهاجم السلفية  وتؤكد أنها دخيلة على الجزائر وتصفها ببضاعة سعودية وهابية يجب الحذر منها ، والسلفية تجهز نفسها وترد على الصوفية والأشعرية بإخراجهم من السنة، ليستمر الصراع الأبدي الفكري بين جزائريين الأرض والدم والعرق لكن فرقت بينهم الأفكار،مع أن السلفيين جزائريين والصوفيين جزائريين والأشاعرة جزائريين ، فلما لا يكون لهم بيان مشترك يرفع المصلحة الوطنية على اعتقادهم الفكري ، ليكونوا ما يكونوا في الفكر لكن الأصل يجب أن يبقى الوطن والأرض للعامة أجمعين بمختلف الآراء والأديان.

قضية أخرى ظهرت في الآونة الأخيرة،حملة فكر علمانية تغزو المناطق الدينية والعادات الجزائرية،تريد حبس الدين وإبادته من الحياة اليومية، أصحابها جزائريين أصلين ولا شك في وطنيتهم ، لكنهم وقعوا في خطأ الطوائف الدينية  وصراعاتهم الأيدلوجية الداخلية ، فأصبحت كل مقالاتهم ومنشوراتهم وحديثهم عبارة عن هجوم يومي على الفكر الديني ، وهذا ما جعلنا نستخلص أن أي نقاش فكري في الجزائر نهايتة حرب لا رجعة فيها،الجميع يدافع على أفكاره ولو كانت في قمة الخطأ،رواد العلمانية الأصليون في أوروبا حينما واجهوا جبروت البابا وضعوا مبدأ قوى للفكر العلماني ألا وهو الحرية ، لهذا لا يوجد كاتب جزائري علماني واحد يدعو للعلمانية  ولا يهاجم الدين أو يدعو لتسامح والحوار،لم نعد نفرق بينهم وبين الدينين،اعتقادي دائما كررته بخصوص العلمانيين في الجزائر أنهم يملكون القدرة الكافية في تعليم الناس حرية التعبير والفكر والكتابة،في حالة واحدة فقط وهي استغلال فكرهم الحقيقي في طريق الوطنية لا في طريق ذاتية وهمية معاكسة ، لكن لا حياة لمن تنادي الكل يصر على تذكير غيره أنه هو الصواب والباقية على خطأ. هؤلاء تصبيهم رسالة الكاهل بكل صراحة،حينما قال لأبنائه ألا تعلوا علي وأتوني  جزائريين .

موضوع أخر الأمازيغية و الأمازبغ أو القبائل،ثورتنا التحررية التي قهرت فرنسا العظمى، كان فيها القبائلي مع ابن تل مع الشاوي وغيرهم في فصيلة عسكرية واحدة،يملكون هدف واحد تحرير الجزائر فقط، بعد 30 سنة أو 40 سنة أصبح الأمازيغي يهاجم العربي فكريا،والعربي يرد على الأمازيغي أيضا فكريا،الأول يقول أنا من سكان الأصليين ولا وجود للعرب قديما،والثاني يقول أنا الأصل والدين والعروبة وما الأمازيغ إلا خرافة، أليس جدير بنا أن نسأل ، من الذي جعلكم تقولون أنا عربي وأنا أمازيغي ؟ ألستم أصل واحد يدعى الجزائر ، أليس جدير بكم أن تقبلوا دعوة الكاهل حينما قال ألا تعلوا علي وأتوني  جزائريين .

عدة قضايا أخرى من الجزائر تحتاج منا أن نكون جزائريين لا  نكن فردين أو شخصيين أو ذاتيين لأنفسنا ، مرات يحتاج منا الوطن تضحية فكرية أو تنازل عن فكرنا من أجله ومن اجل مصلحته،لأن أي غرور أو حماقة ممكن تجعل القضية من عراك فكري إلى قضية رأي عام إلى حديث دولي إلى فاجعة أو مصيبة تحل بالبلد، ما علينا سوى أن نقبل رسالة الكاهل ونستيقظ صباحا جزائريين وطنين بفكر وطني عام وليس خاص ، بذهنية خدمة المجتمع وليس خدمة الفرد.

 

 

 

 

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    الاخبار العاجلة