أكثرية إسرائيلية ضد الاتفاق مع لبنان

الساعة 258 أكتوبر 2022آخر تحديث :
إسرائيل

على رغم التطمينات الأميركية للحكومة الإسرائيلية بإمكان تذليل العقبات والتوصل إلى تفاهمات مع لبنان لتوقيع اتفاق بين بيروت وتل أبيب، إلا أن متخذي القرار في الحكومة الإسرائيلية انتقلوا إلى مرحلة ما بعد فشل الاتفاق، على الأقل قبل الانتخابات البرلمانية المتوقع إجراؤها مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

ميدانياً وبعدما خمدت المعركة القضائية لتحويل المصادقة على الاتفاق إلى الاستفتاء الشعبي، أجريت استطلاعات رأي حول موقف الإسرائيليين منه ليتبين أن أكثرية 55 في المئة من ناخبي اليمين ضد الاتفاق و49 من المناوئين لرئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو عبروا عن دعمهم للاتفاق، لكنهم أشاروا إلى وجود سلبيات فيه.

هذه المعطيات تحسم توجه رئيس الحكومة يائير لبيد إلى عدم استئناف البحث في الاتفاق حتى الانتخابات على الأقل، وعدم الموافقة عليه حتى لو تراجع اللبنانيون بشكل جزئي عن بعض البنود. فنتنياهو لم يتأخر كثيراً في دمج الاتفاق مع لبنان بحملته الانتخابية وأسرع إلى نشر فيديو يظهر فيه لبيد إلى جانب كومة من الدولارات، ويقول “هل ترون هذه الأموال؟ إنها لكم”، ويليه الأمين العام لـ”حزب الله”، حسن نصر الله مبتسماً ويرد عليه “أهلاً وسهلاً”.
وحظيت هذه الدعاية برواج واسع بين الإسرائيليين لتسجل نقاطاً لمصلحة نتنياهو، ما يحول دون إمكان أي تطرق للاتفاق من قبل لبيد حالياً.

القوة العسكرية

وأمام ما آلت إليه الوضعية بعد التعديلات اللبنانية على الاتفاق، لم يتبق أمام لبيد إلا البحث عن جانب أمني ليفتتح به معركته الانتخابية خلال ثلاثة أسابيع تبقت حتى يوم الحسم. ونجح في اتخاذ قرار يمنحه الصلاحية الكاملة للرد في أي سيناريو حرب مع لبنان، بحال تعرضت إسرائيل، سواء عبر الحدود الشمالية أو على منصة الغاز في حقل “كاريش” لأي اعتداء. وسيكون إلى جانب لبيد في هذا القرار وزير الأمن بيني غانتس، ورئيس الحكومة السابق نفتالي بينيت من دون الرجوع إلى “الكابينت” (مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر).
وهذا هو القرار المركزي الناتج من اجتماع الكابينت، الذي كان يفترض أن يصادق على الاتفاق بين إسرائيل ولبنان، لكن رفضه من قبل لبيد قبل ساعات من الاجتماع، أدى إلى تغيير برنامجه ليقتصر على بحث تداعيات فشل توقيع الاتفاق وإمكان مباشرة إسرائيل استخراج الغاز من دون التوصل إلى اتفاق، وهو جانب يثير القلق الإسرائيلي من احتمال الرد بهجمات ينفذها “حزب الله” أو أية جهة أخرى من لبنان.

واشنطن تضغط على بيروت

في اجتماع الكابينت حاول لبيد الخروج بأجواء هادئة تتيح استمرار المعركة الانتخابية من دون تداعيات سلبية على حزبه وشعبيته، علماً أن الاستطلاعات الأخيرة منحت أكثرية 62 نائباً لنتنياهو لتشكيل حكومة، فطالب لبيد الوزراء بعدم إطلاق تهديدات من شأنها توتير الجو والامتناع عن تصريحات حول الاستعدادات العسكرية الإسرائيلية لأي تصعيد محتمل.
ولكن في المقابل صدرت تصريحات من الكابينت تؤكد مباشرة استخراج الغاز من منصة “كاريش” عندما تستكمل التجهيزات كافة، من دون علاقة بالاتفاق.
وكان وزير الأمن بيني غانتس أوعز للجيش الإسرائيلي، الخميس 6 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، وبالتزامن مع انعقاد الكابينت، بالاستعداد لتصعيد محتمل مقابل لبنان، وقال “سواء تم توقيع الاتفاق أم لا، نحن مستعدون للدفاع عن بنيتنا التحتية وعن سيادتنا. وإذا سعى حزب الله إلى استهدافها، فإن الثمن العسكري الذي ستدفعه دولة لبنان وحزب الله سيكون باهظاً جداً”.

الموساد يحذر

من جهته حذر جهاز الموساد من قيام “حزب الله” بعملية محدودة “بهدف الظهور أمام الرأي العام اللبناني على أنه يلتزم بتعهداته وتهديداته بهذا الشأن”، على رغم أن تقديرات الأجهزة الأمنية لا ترجح حصول ذلك.
وشدد مسؤول في الموساد على ضرورة اتخاذ الاحتياطات والاستعدادات كافة لضمان قدرة الجيش على الرد سواء بالدفاع أو الهجوم، مشيراً إلى أن “التوقعات بتصعيد أمني يصل إلى حد المواجهات بشكل مفاجئ وفي غضون فترة زمنية قصيرة، تتطلب استعداداً كافياً من قبل الأجهزة كافة والمؤسسات السياسية والعسكرية والأمنية وكذلك الجبهة الداخلية”.

أرباح “قانا”

من جهة أخرى صحيح أن موضوع اجتماع الكابينت بعد رفض التعديلات اللبنانية على الاتفاق تركز في تداعيات هذا الرفض، إلا أن جهات حاولت فحص إمكان التجاوب مع مطالب أميركية في التنازل عن بعض ما رفضته إسرائيل من تعديلات لبنانية وبشكل خاص التعويض المالي.
المدير العام لوزارة الطاقة الإسرائيلية ليئور شيلات الذي شارك في اجتماع الكابينت كممثل عن الوزارة المتابعة لموضوع الغاز، اعتبر مجمل الأرباح المحتملة من حقل “قانا”، وبحسب تقديرات وزارة الطاقة وشركة “توتال” الفرنسية، صاحبة امتياز التنقيب عن الغاز في المياه الاقتصادية اللبنانية، قليلة إذ لا تتجاوز ثلاثة مليارات دولار فقط، ما تم اعتباره ربحاً قليلاً سيتوزع بين لبنان وإسرائيل وشركة “توتال”.

واطلع الوزراء الإسرائيليون في الاجتماع أيضاً على اتفاق يجري بلورته مع شركة “توتال”، وبموجبه ستحصل إسرائيل على 17 في المئة من الأرباح المحتملة من حقل قانا، أي أن المبلغ الذي ستحصل عليه يساوي نصف مليار دولار.
وتستند هذه التقديرات إلى معايير جرى تنفيذها حيال المنطقة البحرية المتنازع عليها بين إسرائيل ولبنان، وبحسب ما ورد من قول لمندوبي وزارة الطاقة خلال اجتماع الكابينت، فلا يمكن معرفة كمية الغاز بشكل مؤكد في هذه المنطقة قبل بدء عمليات التنقيب، وهناك احتمال أن تكون كمية الغاز أكثر أو أقل.
يشار هنا إلى أن بداية الحفريات لاستخراج الغاز مرتبطة بتعاون صاحبة الامتياز، الشركة البريطانية – اليونانية “انيرجيان”. حتى الآن، وبحسب مسؤول إسرائيلي، أظهرت هذه الشركة تعاملاً مرناً جداً مع الجدول الزمني لاستخراج الغاز، وفق الاتفاق. وأضاف “بقي حتى الآن رؤية ما إذا نجح لبيد في إقناع رؤساء هذه الشركة بإرسال عمالها إلى “كاريش” بحال جدد حزب الله تهديداته بضرب الطوافة”.

المصدر: إندبندنت عربية

موضوعات تهمك:

ترسيم الحدود البحرية اللبنانية الإسرائيلية وشيطان التفاصيل

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة