آمال وعوائق خلف الاتفاق الإطاري في السودان

محمود زين الدين8 ديسمبر 2022آخر تحديث :
الاتفاق الإطاري

إشكاليات تحتاج توافقا أكثر وضوحاً وصلابة، لأنها أيضاً مرشحة لتعطيل هذا أو ذاك من بنود الاتفاق الإطاري أو حتى نسف ركائز تطبيقها.
تجارب الماضي البعيد والقريب، وخاصة انقلاب البرهان وجنرالاته يوم 25 أكتوبر 2021، تضع علامات استفهام كثيرة على هذه النقاط تحديداً.
الاتفاق الإطاري يحدد فترة انتقالية على مدى سنتين تُختتم بانتخابات شاملة وتشكيل مجلس تشريعي ومستوى سيادي ومجلس وزراء كهيئات مدنية بالكامل.
لجان المقاومة قادت مظاهرات حشدت الآلاف، ودعت لجبهة معارضة هدفها إسقاط الانقلاب، وتعتبر أن الاتفاق يقطع «طريق الحراك الشعبي» وهو «خيانة للثورة السودانية» وضحايا الانقلاب: 121 قتيلاً وقرابة 6000 جريح.
* * *
توصل المكون العسكري في مجلس السيادة السوداني إلى تفاهم مع قوى الحرية والتغيير- المجلس المركزي وعدد من الأطراف السياسية المتحالفة معها، وجرى التوقيع عليه مؤخراً تحت عنوان «الاتفاق الإطاري».
يحدد الاتفاق الإطاري فترة انتقالية على مدى سنتين تبدأ من تاريخ تسمية رئيس وزراء وتُختتم بإجراء انتخابات شاملة، كما ينص على تشكيل مجلس تشريعي ومستوى سيادي ومجلس وزراء، وتكون هذه الهيئات مدنية بالكامل.
التفاصيل الأخرى في الاتفاق يمكن أن تحتوي على عناصر إيجابية وقد تؤول أيضاً إلى تعقيدات إضافية على المشكلات القائمة المعقدة أصلاً، مثل أن يكون رئيس الدولة هو في الآن ذاته القائد العام للجيش.
الأمر الذي لن يرضي الجنرالات بسهولة أو على المدى الطويل، أو النص على إطلاق عملية شاملة لكتابة الدستور وهذه ليست سيرورة خالية من إثارة الخلافات بين العسكر والمدنيين، فضلاً عن ملف الإصلاحات العسكرية والأمنية التي يؤكد الاتفاق أنها سوف تؤدي إلى النأي بالجيش وهذه بدورها عملية شائكة وغير مضمونة.
وصحيح أن الاتفاق يعتبر القوات المسلحة مؤسسة نظامية قومية غير حزبية وبعقيدة تلتزم بالنظام الدستوري والمدني، ويقضي بدمج قوات الدعم السريع في عداد الجيش الذي سوف يُعتبر ضمن «الأجهزة النظامية» أسوة بقوات الشرطة وجهاز المخابرات العامة.
ولكن من الصحيح في المقابل أن تجارب الماضي البعيد والقريب، وخاصة انقلاب البرهان وجنرالاته يوم 25 تشرين الأول/ أكتوبر 2021، تضع علامات استفهام كثيرة على هذه النقاط تحديداً.
إشكاليات أخرى تحتاج إلى توافق أكثر وضوحاً وصلابة، لأنها أيضاً مرشحة لتعطيل هذا أو ذاك من بنود الاتفاق الإطاري أو حتى نسف ركائز تطبيقها، تشمل مسائل العدالة الانتقالية وما يُسمى إزالة تمكين نظام الرئيس المعزول عمر حسن البشير، واتفاق جوبا للسلام وآفاق تنفيذه على الأرض، والإجراءات الواجب اتخاذها لضمان أمن شرق السودان والعمل على إحلال السلام في ربوعه وتأمين مشاركة أبنائه في السلطة.
ليس مستغرباً والحال هذه أن يلقى الاتفاق معارضة جدية لدى شرائح غير ضئيلة من أبناء الشعب السوداني، خاصة في صفوف تنسيقيات لجان المقاومة التي قادت مظاهرات حشدت الآلاف، ودعت إلى تشكيل جبهة معارضة هدفها الأول هو إسقاط الانقلاب، معتبرة أن الاتفاق يقطع «طريق الحراك الشعبي» وهو «خيانة للثورة السودانية» وضحايا الانقلاب الذين بلغت أعدادهم 121 قتيلاً وقرابة 6000 جريح.
ولا يُستغرب أيضاً لجوء السلطات السودانية إلى استخدام الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية وتدابير زجرية أخرى في مواجهة الاحتجاجات.
سلوك طبيعي ومنتظر أن يلقى الاتفاق ترحيباً واسعاً من المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، والممثل الأممي في السودان، ومسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، والآلية الثلاثية المشتركة، ومجموعة أصدقاء السودان، والخارجية الأمريكية، وما أجمعت عليه من أن الاتفاق يمثل خطوة أولى مهمة نحو «استعادة فترة انتقالية مستدامة وتشكيل حكومة مدنية وديمقراطية وخاضعة للمساءلة وذات مصداقية». وهذه وسواها آمال مفهومة، لكنها في الآن ذاته لا تطمس ما ينطوي عليه الاتفاق من عوائق جدية راهنة أو مستقبلية.

المصدر: القدس العربي

موضوعات تهمك:

إسرائيل في «ميزان القوى» السوداني!

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة