هل يعبر بوتين “الخط الأحمر”؟

محمود زين الدين26 مارس 2022آخر تحديث :
بوتين
Smoke and flame rise over a field during the Union Courage-2022 Russia-Belarus military drills at the Obuz-Lesnovsky training ground in Belarus, Saturday, Feb. 19, 2022. Russia has deployed troops to its ally Belarus for sweeping joint military drills that run through Sunday, fueling Western concerns that Moscow could use the exercise to attack Ukraine from the north. (AP Photo/Alexander Zemlianichenko Jr)

باجتياح أوكرانيا، عبر بوتين الخط العالمي الأحمر فما الذي سيوقفه عن اجتياز الخط التالي؟
أعلن الناتو أنه سيقوم بنشر وسائل دفاع ضد الهجمات الكيميائية والإشعاعية والنووية على الجهة الشرقية من أوروبا.
يفترض أن قوة الأسلحة النووية المرعبة قد وضعت حاجزا ردعيا هائلا يمنع أي دولة، مهما كانت قوتها، من استخدامه.
يشير استخدام الأسلحة الفرط صوتية والعنقودية والفراغية واستهداف المدنيين مباشرة، وقصف المشافي، إلى تزايد الغضب الروسي يتزايد.
هل روسيا فعلا بصدد محاولة اختلاق ذريعة لاستخدام أسلحة كيميائية بأوكرانيا؟ وهل تستخدم روسيا الأسلحة النووية إذا أصبح وجودها مهددا؟
إذا وجد بوتين أن مجريات الحرب لا تسير لصالحه فقد يغامر باستخدام أسلحة كيميائية أو بيولوجية أو نووية محدودة القدرة وهو ما سيدفع الصراع بأوكرانيا لحيّز آخر لم يتخيله العالم!
المقصود من التهديدات النووية إرهاب دول الغرب لكن الحرب الأوكرانية بمجملها دليل على أن بوتين قادر على خوض مغامرات كبرى لكسر حدود حظرتها منظومات دولية منذ الحرب العالمية الثانية.
* * *
تكرّرت تصريحات قادة حلف الأطلسي (الناتو) ومسؤولين غربيين كبار حول إمكانية استخدام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لأسلحة نووية أو كيميائية في حربه الجارية حاليا بأوكرانيا.
آخر هذه التصريحات كانت للأمين العام للحلف، ينس ستولتنبرغ، الذي قال أمس الخميس، إن روسيا قد تكون بصدد محاولة لاختلاق ذريعة لاستخدام أسلحة كيميائية في أوكرانيا، وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن قال قبلها بيوم إن “التهديد الكيميائي حقيقي”.
كررت القيادات السياسية والعسكرية الروسية، بدورها، تهديداتها باستخدام السلاح النووي، بدءا من إعلان بوتين في بداية هذا الشهر وضع قوات الردع النووي في حالة التأهب، وهو ما يعني جاهزية أدوات القتال النووية لأوامر انتشار وإطلاق لحظية، كما قال الناطق باسم الكرملين، ديميتري بيسكوف، الثلاثاء الماضي، إن روسيا ستستخدم الأسلحة النووية إذا أصبح وجودها مهددا.
قامت روسيا أيضا بفتح موضوع وجود مختبرات نووية وبيولوجية في أوكرانيا، وعقد مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، بطلب من موسكو، جلسة استماع لتقديم دلائل على وجود 30 مركزا بيولوجيا في أوكرانيا “فيها مواد سامة وخطيرة”.
مع تراجع فكرة إزاحة الاجتياح الروسي السريعة للقيادة السياسية الأوكرانية، واحتلال العاصمة كييف خلال أيام، بدأت مقاومة شديدة للغزو بالظهور، مما أدى لاستعصاءات عسكرية واضحة (كما هو الحال في مدينة ماريوبول المحاصرة).
كما ظهرت وقائع خطيرة، من قبيل الهجوم على قاعدة زابوروجيا للطاقة النووية الذي أدى لاشتعال حريق في أحد مبانيها، وكذلك وقائع تدل على تصعيد تدريجي لنوعيات الأسلحة المستخدمة، حيث أعلنت كييف أن موسكو استخدمت قنابل “خارقة” على ماريوبول، كما نشرت تقارير حقوقية وإعلامية عن استخدام أسلحة فراغية وعنقودية وصواريخ فرط صوتية.
بدوره، انتقل حلف الأطلسي (الناتو) من مجرد إعلان إمكانية حصول هجمات كيميائية روسية في أوكرانيا إلى الإعلان عن كونه سيوفر مزيدا من الدعم لأوكرانيا للتصدي للتهديدات الكيميائية والبيولوجية والنووية، كما أنه سيقوم بنشر وسائل دفاع ضد الهجمات الكيميائية والإشعاعية والنووية على الجهة الشرقية من أوروبا.
حصل تطور هائل في القوة التدميرية للأسلحة النووية، فنفذت واشنطن انفجارا تجريبيا أكبر بألف مرة من القنبلة الذرية التي دمرت مدينة هيروشيما اليابانية، كما نفذت موسكو انفجارا أكبر بـ3 آلاف مرة، ويفترض أن القوة المرعبة لهذه الأسلحة قد وضعت حاجزا ردعيا هائلا يمنع أي دولة، مهما كانت قوتها، من استخدامه.
لم يحصل إعلان بوتين وضع قوات الردع النووي في حالة تأهب كرد على تهديد نووي بل جرى بعد إعلان الولايات المتحدة وأوروبا وحلفائهما عقوبات اقتصادية هائلة، وهو ما سماه بوتين “حربا اقتصادية خاطفة”، وهو أمر يدل على غضب الزعيم الروسي لكنه لا يعدّ مبررا، بأي مقياس كان، للتهديد بالسلاح النووي.
يشير استخدام الأسلحة الفرط صوتية والعنقودية والفراغية واستهداف المدنيين بشكل مباشر، وقصف المشافي، إلى أن الغضب الروسي يتزايد. مفهوم طبعا أن المقصود من التهديدات النووية هو إرهاب دول الغرب لكن الحرب الأوكرانية، بمجملها، دليل على أن الرئيس الروسي قادر على خوض مغامرات كبرى لكسر الحدود التي حظرتها المنظومات الدولية منذ الحرب العالمية الثانية.
تتدرب القوات الروسية منذ وقت طويل على التحول من الحرب التقليدية إلى الحرب النووية، كوسيلة لكسب أفضلية بعد التعرض لخسائر في الحرب، وهذا يعني أن بوتين، إذا وجد أن مجريات الحرب لا تسير في صالحه، يمكن أن يغامر باستخدام أسلحة كيميائية أو بيولوجية أو نووية محدودة القدرة، وهو ما سيدفع الصراع الجاري في أوكرانيا، إلى حيّز آخر لم يتخيله العالم بعد.
لقد عبر بوتين، باجتياح أوكرانيا، الخط العالمي الأحمر، فما الذي سيوقفه عن اجتياز الخط التالي؟
المصدر: القدس العربي

موضوعات تهمك:

لن يستفيد بوتين من تجربته في سورية

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة