هل تنجح إستراتيجية بايدن الثلاثية في ردع بوتين؟

محمود زين الدين25 فبراير 2022آخر تحديث :
بايدن

قدمت الولايات المتحدة أسلحة فتاكة لأوكرانيا تحسبا لأي غزو روسي.

لدى واشنطن عقوبات عديدة قد تفرضها على روسيا “في حال صعّدت من عدوانها” ومنها حظر تصدير التكنولوجيا وحجب نظام سويفت للتعاملات المالية الدولية.

يتبنى بايدن استراتيجية ثلاثية الأبعاد لوقف التصعيد الروسي: عقوبات صارمة لكن “غير شاملة”، دعم الوجود العسكري الأميركي بدول جوار أوكرانيا، دعم عسكري واسع لأوكرانيا.

* * *

بقلم: محمد المنشاوي

يكرر الرئيس جو بايدن، وأركان إدارته، عدم وجود أي نية لإرسال قوات أميركية إلى أوكرانيا، ردا على الخطوات التصعيدية التي تتخذها روسيا.

وتدرك الدوائر الأميركية المطّلعة أنه حتى مع أكثر السيناريوهات تطرفا، والمتمثل في احتلال روسيا كامل التراب الأوكراني، فلن يكون ذلك كافيا أو مبررا لمواجهة عسكرية مع روسيا.
وفي الوقت الذي تعهّد فيه بايدن بالتدخل حال تهديد روسيا الدول الأعضاء بحلف الناتو، يتبنى الرئيس الأميركي إستراتيجية ثلاثية الأبعاد يأمل معها بوقف التصعيد الروسي أو تركه عند حدوده الدنيا.
وتشمل هذه الإستراتيجية فرض عقوبات أليمة، لكنها غير شاملة، على روسيا، ودعم الوجود العسكري في دول الجوار الأوكراني، وتقديم السلاح والدعم العسكري المباشر للقوات الأوكرانية.
أولا: عقوبات صارمة لكنها “غير شاملة”
بعد عدة ساعات من التأني، وعدم استخدام كلمة “غزو” لتصنيف ما جرى من إعلان الاعتراف بإقليميْ دونيتسك ولوغانسك، جمهوريتين مستقلتين، ودخول قوات روسية إليهما، بدأت إدارة الرئيس بايدن بتنفيذ تعهداتها بفرض عقوبات صارمة على روسيا.
ووقّع الرئيس بايدن أمرا تنفيذيا بحظر التجارة والاستثمار بين الأفراد الأميركيين والمنطقتين الانفصاليتين في شرق أوكرانيا التي اعترفت روسيا باستقلالهما. ويشمل الأمر كذلك حظر “الاستثمارات الجديدة” و”منع الاستيراد إلى الولايات المتحدة، بشكل مباشر أو غير مباشر، لأي سلع أو خدمات أو تقنية من المناطق المشمولة”.
ثم طوّر بايدن منظومة العقوبات لتشمل مصرفين مملوكين للدولة الروسية، وتقول إدارة بايدن إنهما مفتاح قطاع الدفاع الروسي، ويمنع القرار الأميركي المصرفين من القيام بأعمال تجارية في الولايات المتحدة أو الوصول إلى نظامها المالي. ثم تم معاقبة 5 أشخاص وُصفوا بأنهم جزء من الدائرة الداخلية المقربة من الرئيس فلاديمير بوتين شخصيا، وتم فرض قيود على تعاملات وحسابات الدين الوطني لروسيا، وهي ما تُقدر بمليارات الدولار.
ووسّعت واشنطن من تنسيقها في فرض العقوبات مع حلفائها الأوروبيين والآسيويين، وقررت ألمانيا تعليق خط أنابيب “نورد ستريم 2” (وصلت تكلفة إنشائه إلى نحو 11 مليار دولار) الذي يوفر لها الغاز من روسيا عبر بحر البلطيق.
وفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على 27 فردا ومؤسسة روسية، بما في ذلك عدد من المصارف، وبما يحد من وصولها إلى أسواق رأس المال الأوروبية؛ مما يقطع القدرة على الحصول على الأموال من بنوك الإتحاد الأوروبي، ويحظر التجارة بين الاتحاد الأوروبي والمنطقتين اللتين يسيطر عليهما المتمردون.
وأعلن حلفاء واشنطن خارج أوروبا، وأهمهم أستراليا وكندا واليابان أيضا، مجموعة عقوبات خاصة بهم ضد الأفراد والمؤسسات الروسية، اتساقا مع طلب من الرئيس بايدن.
ثانيا: دعم الوجود العسكري الأميركي في دول الجوار الأوكراني
يتمركز حوالي 70 ألف جندي أميركي بشكل دائم في أوروبا منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، وضمن ترتيبات حلف الناتو. وعقب ضم روسيا لإقليم القرم (2014)، نشرت واشنطن 7 آلاف جندي إضافيين في دول أوروبا، معظمهم في بولندا، التي تشترك في الحدود مع أوكرانيا.
وردا على التصعيد الروسي على الحدود مع أوكرانيا خلال الأسابيع الماضية، أمر الرئيس بايدن بنشر 8500 جندي إضافي في دول أوروبا الشرقية خاصة إستوينا ولاتفيا، وليتوانيا، وبولندا، ورومانيا.
وعقب دخول القوات الروسية إقليمي دونيتسك ولوغانسك، تم نقل 800 جندي أميركي من إيطاليا إلى دول البلطيق، كما ستنقل واشنطن 8 طائرات مقاتلة من طراز (إف 35) إضافة إلى 32 مروحية أباتشي إلى الحدود الأوكرانية في دول البلطيق وبولندا. ويؤكد بايدن أن هذه القوات الأميركية لن تُستخدم للقتال في أوكرانيا.
ثالثا: دعم عسكري واسع لأوكرانيا
قبل أيام وبدافع الحذر الشديد، حسبما قال مسؤولون في البنتاغون، إن بايدن أمر بسحب مئات الجنود والضباط الأميركيين الذين كانوا داخل أوكرانيا لتدريب قواتها المسلحة على استخدام الأسلحة الأميركية.
وذكر المتحدث الرسمي باسم البنتاغون، جون كيربي، أن قرار سحب القوات جاء “من باب الحيطة، وحرصا على سلامتهم وأمنهم”، وأنه يدخل ضمن “إعادة الانتشار، ولا يعكس تغييرا في تصميمنا على دعم القوات الأوكرانية، لكننا نعطي قدرا من المرونة لطمأنة حلفائنا ومنع أي عدوان”.
في الوقت ذاته، زادت واشنطن من دعمها العسكري لأوكرانيا لمساعدتها على مواجهة ما تراه “عدوانًا روسيًّا”. وكانت بدأت المساعدات العسكرية لأوكرانيا منذ عام 2014، ووصل حجمها إلى نحو 2.5 مليار دولار، كما درّبت واشنطن ما يقرب من 370 ضابطا أوكرانيا سنويا.
وتشير دراسة لخدمة أبحاث الكونغرس أنه ومنذ بداية العام، خصص الكونغرس 115 مليون دولار للمشتريات العسكرية لأوكرانيا، إضافة إلى 250 مليون دولار كمساعدات عسكرية.
وقبل ذلك، وافق الكونغرس على تشريع يمنح أوكرانيا نصف مليار دولار كمساعدات طارئة، ومنذ أيام وافق الكونغرس على دعم أوكرانيا بأسلحة تبلغ قيمتها 300 مليون دولار، منها 75 مليونا للأسلحة الهجومية الفتاكة.
عقوبات أخرى
في تغريدات له بتويتر، أوضح آيدي فيشمان، المسؤول السابق بوزارة الخارجية وخبير الشؤون الاقتصادية بالمجلس الأطلسي، أن إدارة الرئيس بايدن لا يزال في جعبتها الكثير من الأدوات والعقوبات الاقتصادية الأشد ألما والأكثر تأثيرا، ولم تلجأ إليها بعد، وربما تُستخدم حال صعّد بوتين عدوانه على أوكرانيا.
وقال فيشمان إن “هناك الكثير في جعبة الولايات المتحدة، بما في ذلك حظر تصدير التكنولوجيا الكاسحة، وهو ما تم بحثه ولم يتم فرضه بعد، وتنسق الولايات المتحدة مع حلفائها الأوروبيين والآسيويين، للعمل معا في هذا المجال، وسيتم فرض هذه العقوبات إذا صعّدت روسيا عدوانها”.
ويعتقد الخبراء الماليون أن واشنطن لديها سلاح قوي وفعال لم تلجأ إليه من قبل، وهو سلاح “سويفت” الذي يتيح تنفيذ التحويلات المالية المتبادلة بين آلاف البنوك العالمية إلكترونيا.
ويقول الخبراء إن أحد الخيارات المؤلمة فصل روسيا عن نظام سويفت الدولي، وهو ما يعني عرقلة وحجب جزء كبير من الدخل الروسي بالعملات الصعبة التي تحصل عليها مقابل بيعها النفط والغاز وبقية صادراتها الأخرى. ومن شأن هذا أن يشل اقتصاد روسيا والمعاملات التجارية بينها وبين أغلب دول العالم.
وتعتمد روسيا على آلية سويفت لتصدير النفط والغاز لدرجة أنه عام 2019 قال رئيس وزرائها، ديمتري ميدفيديف، إن منعها سيكون بمثابة “إعلان حرب”.

* محمد المنشاوي كاتب وباحث في الشأن الأميركي من واشنطن
المصدر| الجزيرة نت

موضوعات تهمك:

اوكرانيا نتيجة فشل في إقامة نمط سلمي عالمي

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة