دولة الحزب الواحد فى.. أمريكا!

محمود زين الدين16 ديسمبر 2021آخر تحديث :
أمريكا

مفردات تحمل عنفا لا محدودا تستخدمها نخبة تيار تفوق البيض بما في ذلك أعضاء حاليون بالكونغرس.

يطالب كثيرون داخل الكونغرس وخارجه بإلغاء قاعدة «فليبستر» المعطلة لتمرير تشريعات بالأغلبية البسيطة.

عجز الديمقراطيين عن إصدار تشريعات قد يقضي على فرصتهم فى الوصول للبيت الأبيض وأغلبية مجلسي الكونغرس فتتحول أمريكا لدولة الحزب الواحد بالقرن 21!

نجح الحزب الجمهوري، الذى صار حزب ترامب، فى إصدار أكثر من 33 قانونًا بالولايات لضمان أغلبية الكونغرس بحرمان الأقليات التى تصوت للديمقراطيين من التصويت.

* * *

بقلم: منار الشوربجي

«جيش من الوطنيين» و«قوات الصدمة». تلك هى نوعية المفردات التى يستخدمها تيار تفوق البيض بأمريكا للإشارة لطبيعة الاستعدادات الواجبة حال ترشح ترامب للرئاسة عام 2024.

وهى مفردات تُنبئ بعنف لا محدود، وتستخدمها، بالمناسبة، نخبة التيار بمن فى ذلك أعضاء حاليون بالكونغرس. وهدفها بالطبع تعبئة جمهور ذلك التيار، المقتنع أصلًا بأن مؤامرة واسعة قد نجحت فى سرقة البيت الأبيض من ترامب عام 2020.

والقصة لا تتوقف عند حد التعبئة وإنما دخلت حيز التنفيذ. فالحزب الجمهورى، الذى صار حزب ترامب، نجح على مستوى الولايات فى إصدار أكثر من 33 قانونًا لضمان أغلبية الكونغرس عبر الحرمان من التصويت باستخدام الحيل المعروفة تاريخيًا، والتى تستهدف الأقليات التى تعطى أصواتها للديمقراطيين للرئاسة والكونغرس.

والمجالس التشريعية المحلية التى يهيمن عليها الجمهوريون قامت برسم دوائر ولايات مهمة تضمن فوز المرشحين الجمهوريين، دون الديمقراطيين، فى انتخابات الكونغرس.

ومن يقرأ ما تقدم يتصور أن الديمقراطيين، الذين لابد أنهم يعرفون ما يُحاك لهم، يتحركون بسرعة لوقف تلك الممارسات، خصوصًا أنهم يهيمنون اليوم على الرئاسة والكونغرس.

إلا أن الواقع أكثر تعقيدًا بكثير. صحيح أن تلك الممارسات المحلية لا يوقفها سوى تشريع فيدرالي، أي من الكونغرس، وصحيح أن الديمقراطيين يتقلدون مواقع الأغلبية فى مجلسى الكونغرس إلا أن أغلبيتهم ضئيلة للغاية تسمح للجمهوريين بقتل مشروعات القوانين، خصوصًا بمجلس الشيوخ.

فقواعد مجلس الشيوخ تستلهم كلها روح الدستور الذى أنشأ ذلك المجلس أصلًا لحماية مصالح الولايات الصغيرة سكانيًا من تغول الولايات الكبيرة.

ومن هنا، صارت قواعد المجلس تحمى الأقلية العددية، بمعنى أن تلك الأقلية العددية بإمكانها تعطيل ما تريده الأغلبية البسيطة. وتتجلى تلك الحالة فى قاعدة فريدة لتعطيل تمرير التشريعات تُعرف بـ«فليبستر»، وهى كلمة مستمدة من الإسبانية، تعنى القرصان.

وما يحدث بموجبها بمجلس الشيوخ أقرب بالفعل إلى «اختطاف» المجلس لصالح القلة العددية ما لم تكن الأغلبية تملك ستين صوتًا من أصل مائة!

ولأن كل تشريع يصدر عن الكونغرس لابد أن يوافق عليه المجلسان، تحول مجلس الشيوخ لمقبرة للتشريعات التى يوافق عليها مجلس النواب بالأغلبية البسيطة.

وهو بالضبط ما حدث للتشريعات الخاصة بوضع حد لممارسات الجمهوريين بخصوص الانتخابات، فهى حظيت بموافقة مجلس النواب ثم عطلها الجمهوريون بمجلس الشيوخ.

أكثر من ذلك، فإن تشريعات بايدن الاقتصادية، التى تحظى مفرداتها بشعبية كبيرة وتستفيد منها قطاعات واسعة من الناخبين، تصدر من مجلس النواب لتلقى حتفها هى الأخرى فى مجلس الشيوخ. والحزب الديمقراطى نفسه ليس بريئًا.
فالنزاع داخل الحزب بمجلس النواب بين النخبة الوسطية والجناح التقدمى يفاقم الأزمة. وفى تلك الأجواء تعطلت أجندة بايدن وتراجعت شعبيته لأدنى مستوياتها.

ورغم أهمية تشريعات بايدن الاقتصادية بالنسبة لمقدرات الحزب الديمقراطى، إلا أن الأكثر إلحاحًا وحاجة لتناول عاجل هو بالقطع التشريعات التى تعالج افتئات الجمهوريين على الديمقراطية الأمريكية ذاتها.

لذلك، يطالب الكثيرون داخل الكونغرس وخارجه بضرورة إلغاء قاعدة «الفليبستر» لتمرير تلك التشريعات بالأغلبية البسيطة. فعجز الديمقراطيين عن إصدار تلك التشريعات قد يكون المسمار الأخير الذى يقضى على أى فرصة لهم فى الوصول للبيت الأبيض والأغلبية بمجلسى الكونغرس، ومن ثم تحويل الولايات المتحدة إلى دولة الحزب الواحد.. فى القرن الحادى والعشرين!

* د. منار الشوربجي أستاذ العلوم السياسية المساعد، باحثة في الشأن الأمريكي.

المصدر| المصري اليوم

موضوعات تهمك:

القوة الأعظم، إلى متى؟

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة