الحزب الديمقراطي الأمريكى وإسرائيل

محمود زين الدين24 نوفمبر 2022آخر تحديث :
الحزب الديمقراطي

الولايات المتحدة أخطرت إسرائيل رسميًا بأن مكتب التحقيقات الفيدرالية فتح تحقيقًا رسميًا فى قضية اغتيال الصحفية شيرين أبوعاقلة.
بغض النظر عن نتائج مكتب التحقيقات الفيدرالية، فالواقعة تمثل إحدى حلقات سلسلة تطور نوعي في موقف الديمقراطيين من الاحتلال الإسرائيلى.
ما دعا لفتح التحقيق الضغوط الشديدة التى مارسها الديمقراطيون بالكونغرس بمن فيهم بعض الأعضاء اليهود الأمريكيين، هى التى كانت وراء الموضوع.
المسألة لم تقتصر على الجناح التقدمى للحزب الديمقراطي بل شملت أعضاء بارزين بالحزب كانوا من أهم مؤيدى إسرائيل وبعضهم يتولى مناصب قيادية.
بعد إبلاغ إسرائيل رسميًا بفتح تحقيق مكتب التحقيقات الفيدرالية أبلغ البيت الأبيض ووزارة الخارجية إسرائيل بأن القرار جاء بسبب ضغوط الكونغرس.
* * *

بقلم: د. منار الشوربجي

الأزمة التى جرت وقائعها مؤخرًا بين الولايات المتحدة وإسرائيل تمثل واحدة من حلقات نمط جديد فى العلاقة بين البلدين. فالولايات المتحدة كانت قد أخطرت إسرائيل رسميًا بأن مكتب التحقيقات الفيدرالية فتح تحقيقًا رسميًا فى قضية اغتيال الصحفية شيرين أبوعاقلة.
كانت الولايات المتحدة قد أخطرت إسرائيل بعيدًا عن الإعلام، لكن ما إن تسرب الخبر حتى أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلى المنتهية ولايته أن «لا أحد يمثل قوة أجنبية سوف يحقق مع جنودنا»، بينما قال وزير دفاعه إن بلاده لن تتعاون مع أى تحقيق خارجى، «ولن تسمح بتدخل خارجى فى تحقيق داخلى».
اللافت أن ذلك التحقيق الداخلى كان قد انتهى أصلا واختلف في نتائجه عن التحقيق المبدئى الأمريكى الذى أُجرى فى يوليو الماضى، رغم أن الاثنين اتفقا على غياب الاستهداف العمدي لـ«أبوعاقلة». ورغم الغضب الإسرائيلى، فإنه لا جديد فى فتح مثل ذلك التحقيق الرسمى الأمريكى.
فشيرين أبوعاقلة تحمل الجنسية الأمريكية، وقد جرت العادة على فتح تحقيق مماثل عند وفاة أى مواطن أمريكى خارج بلاده، باستثناءات قليلة، على رأسها إسرائيل.
لكن الجديد هو ما دعا، فى هذه الحالة، لفتح التحقيق. فالضغوط الشديدة التى مارسها الديمقراطيون بالكونغرس، بمن فيهم بعض الأعضاء اليهود، هى التى كانت وراء الموضوع.
والمسألة لم تقتصر، هذه المرة، على الجناح التقدمى للحزب الديمقراطى وإنما شملت أعضاء بارزين بالحزب طالما كانوا من أهم مؤيدى إسرائيل بالمجلسين، وبعضهم يتولى مناصب قيادية.
وحتى الذين لم يمارسوا تلك الضغوط فقد مثل مقتل صحفية أمريكية مأزقًا جعلهم يطالبون على الأقل بعقد اجتماعات مغلقة مع الرموز المسؤولة فى الإدارة للوقوف على ما جرى، وما تفعله الإدارة بصدده. وبعدما أعلنت إسرائيل نتائج تحقيقها ظلت الضغوط تطالب بمحاسبة المسؤول عن اغتيال شيرين أبوعاقلة.
وقد لعب عدد من أهم أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين دورًا محوريًا فى تلك الضغوط، حيث تمت كتابة مادة تم إلحاقها بالتقرير الذى يصاحب مشروع الاعتمادات الخاصة بوزارة الخارجية ينص على أن يتقدم وزير الخارجية للكونغرس بتقرير دورى بشأن ما تقوم به الولايات المتحدة لدعم التحقيقات فى مقتل شيرين أبوعاقلة.
أما إدارة بايدن فقد ظلت، منذ اللحظة الأولى، تُصر على أن تنأى بنفسها عن الموضوع. وبعدما تم إبلاغ إسرائيل رسميًا بفتح تحقيق مكتب التحقيقات الفيدرالية أبلغ كل من البيت الأبيض ووزارة الخارجية إسرائيل بأنهما ليسا المسؤولين عن القرار، بل جاء بسبب ضغوط الكونغرس.
ووفق موقع «أكسيوس» الأمريكى، كان الجانب الإسرائيلى قد طلب توضيحًا من السفير الأمريكى لدى إسرائيل، الذى لم يكن على علم أصلا بالموضوع، ووعد بتقصيه!
وكانت وزارة العدل الأمريكية، التى يتبعها مكتب التحقيقات الفيدرالية، هى التى اتخذت القرار وأبلغت به إسرائيل. صحيح أن الوزارة جزء من المؤسسة التنفيذية إلا أن الكثيرين لا يعرفون أن الأصل فى النظام الأمريكى هى أنها تعمل باستقلالية دون تدخل من البيت الأبيض تحديدًا.
وبغض النظر عن نتائج تحقيق مكتب التحقيقات الفيدرالية، فإن الواقعة فى حد ذاتها تمثل واحدة من حلقات سلسلة تشير إلى تطور نوعى فى موقف الديمقراطيين من الاحتلال الإسرائيلى.
لكن تلك التحقيقات سوف تجرى بينما تتولى فى إسرائيل حكومة هى الأكثر تطرفًا فى تاريخ إسرائيل، بزعامة نتنياهو، المسؤول بدرجة كبيرة عن تدهور علاقة الحزب الديمقراطى بإسرائيل، الأمر الذى قد يخلق فى ذاته مزيدًا من الأزمات التى تحاول إدارة بايدن تجنبها حتى الآن.

*د. منار الشوربجي أستاذ العلوم السياسية المساعد، باحثة في الشأن الأمريكي

المصدر: المصري اليوم – القاهرة

موضوعات تهمك:

تبعات العنصرية الإسرائيلية على مستقبل الصراع

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة