الانتخابات الأميركية… رقبة برقبة

محمود زين الدين20 نوفمبر 2022آخر تحديث :
الانتخابات الأميركية

ما تأثير نتائج الانتخابات على الدول العربية؟ تبقى الإجابة مهما اجتهد الخبراء مستعصية على اليقين والقناعة الراسخة.
فوز الديمقراطيين سيدفع نتنياهو السياسي المراوغ لأخذ ذلك بالاعتبار في تفاوضه مع اليمين المتطرف: إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش.
الفرصة أفضل أمام الرئيس بايدن ليمرر القوانين التي يريدها، ويعين القضاه في المحاكم الفيدرالية التي تشغر فيها المناصب، وبخاصه المحكمة العليا.
سينظر كثير من قادة الحزب الجمهوري إلى ترامب على أن خطابه اليميني فاشل، وعدم مخاطبته لفئات الشعب الأخرى خطأ استراتيجي فاحش، وعليه التنحي.
* * *

بقلم: جواد العناني
من الذي فاز حتى مساء الاثنين الماضي في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس الأميركي والتي جرت يوم 8 نوفمبر الجاري وتنافس فيها الحزبان الجمهوري والديمقراطي؟
وما تأثير نتائج تلك الانتخابات على الدول العربية ودول المنطقة، أسئلة وغيرها تظل حائرة. والأجوبة مهما اجتهد الخبراء والمحللون ومراكز البحوث في تحليلها، فإنها تبقى مستعصية على اليقين والقناعة الراسخة.
أكاد أجزم بأن الجمهوريين قد كسبوا مجلس الممثلين أو (House of Representatives) بفارق خمسة مقاعد حين تعلن النتائج النهائية لانتخابات المجلس هذا، والذي يبلغ عدد أعضائه ( 435) عضواً يمثلون نفس العدد من الدوائر الانتخابية في مختلف الولايات الأميركية. وإذا تبين عند اعلان النتائج النهائية أن الفارق سيكون لصالح الجمهوريين في حدود خمسة مقاعد، فسيكون هذا انتصارا على الحزب الديمقراطي، ولكن أقل من التقديرات المتفائلة التي توقعها الحزب الجمهوري بكثير.
وبالمقابل، فإن الديمقراطيين قد حصلوا على (50) مقعداً حتى الآن في مجلس الشيوخ البالغ عدده مئة عضو يمثل كل ولاية من الولايات الخمسين الأميركية اثنان بالتساوي، وبغض النظر عن عدد سكان الولاية.
وهكذا يتساوى تمثيل ولاية كاليفورنيا البالغ عدد سكانها 43 مليوناً مع ولاية وايومنغ ( Wyoming) والتي يصل عدد سكانها إلى حوالي (580) ألف نسمة، أو ما يساوي ( 1.4%) تقريباً من عدد سكان كاليفورنيا. وقد وضع المؤسسون للولايات المتحدة معادلة تمثيلٍ سكاني لمجلس الممثلين، بينما ساوَوْا بين الولايات في عدد الشيوخ.
وتجرى الانتخابات التشريعية في الولايات المتحدة مرة كل سنتين حيث ينتخب ثلث أعضاء مجلس الشيوخ، وكامل أعضاء مجلس الممثلين.
أما الانتخابات الرئاسية فتجرى مرة كل أربع سنوات، ولا يجوز لرئيس الدولة أن يحكم أكثر من فترتين متتاليتين، ويجوز له أن يعيد ترشيح نفسه لاحقاً إذا فاز بدورة واحدة أو بدورتين، كما ينوي الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب أن يفعل في الانتخابات المقرر اجراؤها في عام 2024.
وتجرى انتخابات الرئاسة في كل سنه كبيسة. وتجرى انتخابات حكام الولايات مرة كل أربع سنوات ولكن ليس لكل الولايات بل لعدد منها حسب المقتضى. وتختلف المدد المتتالية التي يستطيع حاكم الولاية أن يتولى فيها هذا المنصب حسب قوانين الولاية نفسها.
وفي انتخابات التجديد النصفي الأخيرة للكونغرس الأميركي حقق الديمقراطيون تقدماً في عدد حكام الولايات من حزبهم، وفي عدد المدعين العامين وأمناء الولايات.
وهذا يعني أن الجمهوريين سيجدون صعوبة في الانتخابات القادمة إذا أرادوا تقييد مدد الانتخابات لتفويت الفرصة على المجندين والأميركيين من غير البيض. وقد ساهم هؤلاء بشكل واضح في الانتخابات التي أجريت عام 2020 في فوز الحزب الديمقراطي بالرئاسة والأغلبية في مجلس الممثلين والشيوخ.
ولذلك، فقد باتت الفرصة أفضل أمام الرئيس جو بايدن ليمرر القوانين التي يريدها، ويعين القضاه في المحاكم الفيدرالية التي تشغر فيها المناصب، وبخاصه المحكمة العليا.
حيال هذه النتائج، فإن بعض الدول العربية قد تجد صعوبة أكثر في التعامل مع الإدارة الأميركية للحزب الديمقراطي، خاصة إذا سقطت أوراق الرئيس السابق دونالد ترامب، وقرر أعضاء حزبه أنه لم يعد صالحاً لقيادة الحزب الجمهوري في الانتخابات القادمة.
ومن الدول العربية المطلوب فيها إعادة تموضعها حيال هذا التحول الجديد كل من المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، ومن الدول غير العربية كل من روسيا، وايران وكوريا الشمالية.
أما الدول العربية التي ستستفيد من هذا الوضع فهي الأردن، وقطر، ومن الدول غير العربية الصين التي يريد الرئيس الأميركي ” جو بايدن” فتح الحوار معها، علما أن بايدن التقى بالرئيس الصيني، شي جين بينغ، على هامش قمة مجموعة العشرين التي استضافتها إندونيسيا في الفترة من 14 إلى 17 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري.
ولكن هذا لا يعني أن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة لا تستطيعان إيجاد معادلة للتفاهم مع إدارة الرئيس بايدن، والذي يؤمن بالحوار والتفاوض، خاصة إذا وجد تلك الدول العربية مؤيدة له في الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وهو أمر لا أرى السعودية ستقدم عليه لما في ذلك من مساس واضح بمصالحها الاستراتيجية.
ومع أن السباق الانتخابي بين الحزبين، الجمهوري والديمقراطي كان قريباً جداً وشديد التنافسية، أو رقبة برقبة كما يقول أهل اللغة الإنكليزية neck to neck، فقد تفوّق الحزب الديمقراطي الحاكم في هذه الانتخابات الواقعة في منتصف فترة الإدارة ( mid-term) هي أحسن نتائج حققها أي من الحزبين منذ عام 1930.
ولا يقف الأمر عند هذا الحد، بل إن كثراً من أنصار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب خسروا مقاعدهم، وكثرا من الذين فازوا من الحزب الجمهوري لم يكونوا محسوبين عليه.
ولذلك، سينظر الكثيرون من قادة الحزب إلى الرئيس ترامب على أن خطابه اليميني فاشل، وعدم مخاطبته لفئات الشعب الأميركي الأخرى بأنه خطأ استراتيجي فاحش، ولذلك عليه أن يتنحى.
ولو أن انتخابات الكنيست الإسرائيلي التي حصلت يوم الأول من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي قد أجلت إلى ما بعد الثامن من الشهر ( أي بعد الانتخابات الأميركية) لربما رأينا نتائج مختلفة في إسرائيل.
ولكن فوز الحزب الديمقراطي سيدفع بنيامين نتنياهو السياسي المراوغ، إلى أخذ نتائج الانتخابات الأميركية بعين الاعتبار، خاصة في تفاوضه مع اليمين المتطرف) أمثال زعيم اليمين المتطرف إيتمار بن غفير وزعيم حزب الصهيونية الدينية بتسلئيل سموتريتش، والذي بدأه بفتح باب التفاوض، ولو مظهرياً، مع وزير الدفاع السابق بني غانتس، ومع رئيس الوزراء السابق يئير لبيد.

*د. جواد العناني سياسي وخبير اقتصادي

المصدر: العربي الجديد

موضوعات تهمك:

ترامب يخالف مستشاريه ويقدم نفسه بديلاً نهائياً لقيادة الحزب الجمهوري

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة