ادارة الصراع في اوكرانيا

د. وليد عبدالحي26 فبراير 2022آخر تحديث :
اوكرانيا

المواجهة بين روسيا والناتو غير واردة لدى روسيا ولا لدى أمريكا والاتحاد الأوروبي.

توسيع امريكا لجبهات المواجهة مع الصين وروسيا وايران وكوريا الشمالية ودول بامريكا اللاتينية دفعها للتضامن بمواجهة العدو المشترك وخاصة من الصين الأكثر اقلاقا لأمريكا.

تُقدّر أوروبا أن مواجهة مباشرة مع الناتو على أراضي أوروبا تكلفة لا قبل لها بها مع ارتفاع غير محتمل لأسعار الغاز والنفط فلا مجال إلا مواجهة روسيا بما يسمى المعادل الاخلاقي للحرب.

* * *

كنا قد استبعدنا اية مواجهة عسكرية مباشرة بين روسيا والناتو، ولعل تصويت الدوما الروسي قبل ايام قليلة على الاعتراف باستقلال كل من جمهوريتي دونيتسك و لوغانسك في شرقي اوكرانيا، ثم مصادقة بوتين على قرار الاستقلال، كان تمهيدا لتثبيت هذه القرارات بالقوة العسكرية المحدودة: وعلى أساس ان المواجهة مع الناتو غير واردة لا من الطرف الروسي ولا من الطرف الامريكي والاوروبي.
التنادي الغربي بتطبيق عقوبات اقتصادية على روسيا مع تأجيج الحملة الاعلامية ضدها لا أظن انه يشكل اية مفاجأة لروسيا، ولا شك ان الاقتصاد الروسي فيه ثقوب يمكن النفاذ منها غربيا، لكن العقوبات الاقتصادية تبقى احتمالات نجاحها محدودة وتحتاج لفترة زمنية كافية حتى تعطي نتائج قاسية، فالعقوبات على العراق(زمن صدام) وعلى كوبا وروسيا وكوريا الشمالية وعدد كبير من الدول لم يتجاوز 35% من النجاح طبقا لفيض من الدراسات في هذا المجال.
ويبدو ان سيناريو جورجيا سيتكرر مرة اخرى في اوكرانيا مع خلاف في بعض التفاصيل بحكم معطيات الواقع، ولن يتمكن مجلس الامن الدولي من اتخاذ اي قرار في ظل الفيتو الروسي المؤكد ضد اي قرار تقدمه الكتلة الغربية.
ان السيطرة الروسية على شرق اوكرانيا، واحتمال اجراء استفتاء لاحق فيهما للانضمام الى روسيا، مع السيطرة التامة على شبه جزيرة القرم وضمان تأييد بيلاروسيا يوسع من المجال الحيوي لروسيا ويجعل من انضمام اوكرانيا للناتو اكثر تعقيدا وخطورة.
اشرت من البداية الى التثاؤب الالماني والفرنسي وعديد من الدول الاوروبية تجاه السياسة الروسية، وعقلانية أوروبا تجعلها تقدر وبهدوء ان المواجهة المباشرة مع الناتو على الاراضي الاوروبية يشكل تكلفة لا قبل لها بها لا سيما مع احتمال الارتفاع غير المحتمل في اسعار الغاز والنفط في السوق الاوروبي الذي يحتاج ما يعادل 13 مليون برميل يوميا، ومن هنا فلا مجال لها الا مواجهة روسيا بما يسمى المعادل الاخلاقي للحرب…
من الواضح ان توسيع امريكا لجبهات المواجهة مع الصين وروسيا وايران وكوريا الشمالية وبعض الدول في امريكا اللاتينية هو في حد ذاته دافع لهذه القوى لمساندة بعضها البعض لمواجهة العدو المشترك، وهذه المساندة بخاصة من الجانب الصيني قد تكون هي الأكثر اقلاقا للولايات المتحدة.

* د. وليد عبد الحي أستاذ علوم سياسية، باحث في المستقبليات والاستشراف.

موضوعات تهمك:

هل تنجح إستراتيجية بايدن الثلاثية في ردع بوتين؟

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة